لم تهدأ قصور العدل بعد، إثر الأزمة التي ولّدتها التحقيقات في قضية «الفساد القضائي». الإحباط يُسيطر على عدد كبير من القضاة. وبدلاً من إعلان هيئة التفتيش القضائي حال الطوارئ القصوى عبر العمل بلا كلل لمحاسبة المتورطين من القضاة، لا يزال التراخي سيّد الموقف. لا يعبأ أولو الأمر في القضاء إلا بصورتهم أمام الرأي العام. استنفروا وسارعوا إلى إعلان التضامن وإصدار البيانات، لكن الفعل لا يزال على حاله. لقد أحيلت محاضر التحقيقات على التفتيش منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، ورغم ذلك فإنّ أحد القضاة المشتبه فيهم الذي ورد اسمه في إفادات الموقوفين لم يُبلّغ بالحضور إلى التفتيش سوى يوم أمس. وفي أصعب اللحظات التي تمرّ فيها «العدلية»، يخرج قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور في اجتماع قضاة جبل لبنان مع مجلس القضاء الأعلى أمس، ليقول ما مضمونه أن الحل يكمن في سجن أحد الصحافيين كي يتوقف الإعلام عن مهاجمة القضاء! هذا الموقف نفسه قاله أيضاً في الاجتماع الذي عقده أول من أمس أمام مجلس القضاء الأعلى، الذي استُدعي إليه كل من منصور والنائب العام في جبل لبنان القاضية غادة عون ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، على خلفية ما نشرته «الأخبار» تحت عنوان «حرب بين قضاة العهد». وعوضاً عن البحث في كيفية بناء قضاء قوي وعادل ونظيف، تداول المجتمعون ما اعتبروه حملة على القضاء. كأن لا شيء يحصل ولا يتحمل بعض المجتمعين المسؤولية عن الدرك الذي وصلت إليه «العدلية».