قرر مجلس الجامعة اللبنانية، في جلسته الأخيرة، رفع المعدّل التراكمي للطالب في السنوات الثلاث لليسانس إلى 15 من 20 (بدلاً من 13) كشرط أساسي لدخول «الماستر - 1» بحثي في علم النفس، و14 من 20 (بدلاً من 12) لدخول «الماستر- 1» مهني، بهدف «تخريج نفسانيين ذوي كفاءة قادرين على ممارسة مهنة العلاج النفسي وتحمل مسؤوليّة صحّة الناس النفسية».في الواقع، ينبع القرار من توصية لوزارة الصحّة بإعطاء إذن لـ 90 طالباً/ة فقط من الجامعة اللبنانية بمزاولة المهنة سنوياً.
وبحسب دانيال أبي جمعة، عضو اللجنة الطلابية في قسم علم النفس، فإنّ قرار مجلس الجامعة «فرض من فوق إلى تحت، ولم يمر بالتراتبية عبر المجالس الأكاديمية للأساتذة، لا سيما مجلس القسم والفرع والوحدة، كما يحصل عادة لدى اتخاذ قرارات مشابهة». ووصف المعدل الجديد بـ«التعجيزي»، استناداً إلى نتائج الدفعات السابقة، ومنها دفعة 2015 - 2016 في الفرع الأوّل التي ضمّت طالبة واحدة فقط نالت معدل 15 من 20 و6 طلاب حازوا 14 من 20 من أصل 40 طالباً/ة تخرجوا في تلك السنة، علماً بأن أقسام علم النفس في فروع الكلية تخرّج نحو 120 طالباً سنوياً.
أبي جمعة أوضح أن حيازة الطالب معدّلاً تراكمياً يساوي 15 من 20 يعني حصوله على علامة 75 من 100 في معظم المواد وعلى مدار السنوات الثلاث، بما فيها المواد التي لا ترتبط مباشرة بالاختصاص، مثل اللغات والمعلوماتية، في حين أن العلامات القصوى التي يضعها بعض الأساتذة لا تتجاوز 70 من 100. واستغرب كيف تسمح إدارة الجامعة بدخول نحو ألف طالب سنويّاً إلى كل فروع هذا الاختصاص، ثم تقرر بعد ذلك معالجة المشكلة من رأس الهرم، سائلاً: « لماذا لا يجري مسبقاً تحديد أعداد المقبولين لمباراة الدخول؟ أو للمقابلات الشفهيّة بين مرحلتي الليسانس والماستر؟ ولماذا لا تراعى أوضاع الطلاب الذين باشروا دراسة هذا الاختصاص استناداً إلى معايير مختلفة قبل صدور هذا القرار؟».
كيف تسمح الجامعة بدخول نحو ألف طالب سنويّاً بدل أن تحدّد مسبقاً أعداد المقبولين


الطلاب بدأوا بتوقيع عريضة إلكترونيّة للاعتراض على القرار، ملوّحين بتنفيذ إضراب، فيما أوضح المحامي نجيب فرحات لـ«الأخبار» أنّ قرار الجامعة يخالف أحكام الدستور اللبناني والمواثيق والاتفاقيات الدوليّة التي انضم اليها لبنان، والتي كفلت وكرّست الحق في التعليم وصولًا إلى التعليم العالي، وإتاحة الفرصة أمام الجميع، خصوصاً أنّه سبق للجامعة أن اتخذت قرارات مماثلة في عدد من الكليّات الأخرى، لا سيما كليّة الحقوق والمعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسيّة، وفرضت معدّلات وامتحانات تعجيزيّة للدخول إلى هذه المراحل، وجرى الطعن فيها أمام مجلس شورى الدولة، وصدرت قرارات بإبطال بعضها ووقف تنفيذ بعضها الآخر. إلّا أنّ إدارة الجامعة لم تلتزم حتى تاريخه بهذه القرارات القضائية.
رئيسة قسم علم النفس في الجامعة اللبنانيّة د. بهاء يحيى، وصفت القرار بالصائب لكونه يضمن تخريج نفسانيين ذوي كفاءة عالية، مشيرة إلى أنّه مع صدور القرار الذي يشترط حصول الطالب على الماستر 2، بالإضافة إلى التدريب، كي يُسمح له بممارسة المهنة كمعالج، لم تعد الجامعة اللبنانيّة قادرة على استيعاب العدد الهائل الذي يتخرّج سنويًّا، ناهيك عن عدم قدرة سوق العمل على استيعابهم أيضاً. وقالت إنّ القرار صدر، لكنَّ آليّة تطبيقه لم تناقش بعد.