خلاصة ما قاله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أول من أمس، لمجلس إدارة جمعية المصارف، ان «المعطيات ليست إيجابية»، مستنداً إلى استمرار العجز المالي الداخلي والخارجي، و«تأثّر سوق سندات اليوروبوندز بعدم اتخاذ الحكومة الإصلاحات»، فيما تسليفات المصارف «استمرت بالتراجع خلال أول شهرين من 2019»، والمصارف تتعامل مع المتعثّرين «بمرونة قبل الذهاب إلى المحاكم». كلام سلامة ورد في اللقاء الشهري الذي يعقد دورياً بين حاكمية مصرف لبنان ومجلس إدارة جمعية المصارف ولجنة الرقابة على المصارف، وهو يناقض تماماً ما قاله سلامة قبل ساعات من اللقاء لرئيس الجمهورية ميشال عون.أول من أمس، عقد اللقاء الشهري بين حاكمية مصرف لبنان ومجلس إدارة جمعية المصارف بحضور لجنة الرقابة على المصارف. بحسب محضر اللقاء الموزّع على رؤساء مجالس إدارة المصارف، بواسطة التعميم الرقم 121/2019، فقد استهلّ سلامة كلامه بالإشارة إلى أن «الأوضاع النقدية هادئة»، قبل أن ينتقل إلى الحديث عن سوق سندات اليوروبوندز التي «تتأثّر بعدم اتخاذ الحكومة الإصلاحات التي تعهدت بها في مؤتمر سيدر».
بعدها، يشير المحضر إلى أن سلامة «أعلم المشاركين أن الأرقام ومعطيات أول شهرين من السنة لم تكن إيجابية مع استمرار العجز الداخلي، أي عجز المالية العامة، والعجز الخارجي، إذ سجّل ميزان المدفوعات الخارجية عجزاً في نهاية شهر شباط، بالرغم من كونه أقل من عجز شهر كانون الثاني (1.3 مليار دولار).
لا يكتفي سلامة بالحديث عن الصعوبات التي تواجه النزف النقدي في لبنان، بل يتوسّع في الحديث عن تداعياتها، مشيراً إلى سياسة استقرار سوق القطع والآليات التي يعتمدها في السوق النقدية والفوائد «في انتظار أن يعود النموّ وينشط الاقتصاد». كلام سلامة فيه تلميح واضح إلى أن أسعار الفوائد لن تشهد انخفاضاً بالحدّ الأدنى، لا بل يمكن الاستنتاج بسهولة أن أسعار الفوائد مرشحة لمزيد من الارتفاع، وخصوصاً أن هناك معلومات متداولة بين المصارف عن خرق للاتفاق على تثبيت سعر الفائدة على 8% على الدولار و12% على الليرة، إذ تبيّن أن القسم الأكبر من المصارف يقدّم عروضاً للزبائن بأسعار فائدة تتجاوز 17%.
المعطيات ليست إيجابية، فالعجز الداخلي والخارجي مستمر


أما لجهة التداعيات الاقتصادية، فقد تحدث سلامة عن «تراجع التسليفات في أول شهرين من السنة الجارية، وأمَلَ أن تعود المصارف إلى التسليف مع تحسن الأوضاع السياسية وانطلاق عمل الحكومة».
أما بالنسبة الى موضوع المساعدات الخارجية، وخصوصاً المساهمة القطرية المعلنة بقيمة 500 مليون دولار، فقد تبيّن أن مصرف لبنان لا علم له بها بعد بشكل رسمي، وأنه «لم يشمّ ريحتها بعد» على حد تعليق أحد الخبراء. فبحسب المحضر، قال الحاكم: «مصرف لبنان لم يعلم حتى الآن عن المساهمة القطرية ومجال توظيفها».
وكانت جمعية المصارف قد سألت أيضاً عن الإصدار الجديد لليوروبوندز. السؤال مطروح بسبب قرب استحقاق سندات يوروبوندز لهذه السنة، إذ تستحق سندات بقيمة 500 مليون دولار في نيسان، وبقيمة 650 مليون دولار في أيار، وبقيمة 1500 مليون دولار في تشرين الثاني، هذا عدا عن الفوائد لهذه الاستحقاقات التي تكاد توازي قيمتها الأصلية. الاستحقاق الأول بات قريباً جداً، علماً بأن أي إصدار يتطلب خمسة أسابيع لإنجازه، أي أن مهلة الإعداد للإصدار انتهت، وبات الأمر محكوماً بخيارات صعبة؛ أبرزها تمويل مصرف لبنان لهذا الاستحقاق.
على أي حال، ردّ الحاكم على هذا السؤال المتعلق بالإصدار، لافتاً إلى أنه «سيناقش مع وزير المال موضوع الإصدار».
الجمعية سألت أيضاً عن تلبية الطلب التجاري على الدولار، فأجاب الحاكم بأن الأمر «متروك للسوق ولعلاقة المصرف مع التجار المستوردين، علماً بأنهم يبيعون بالليرة اللبنانية في السوق ويستوردون بالعملات».
هذا ما قاله سلامة للمصارف. أما ما قاله سلامة لرئيس الجمهورية، بحسب بيان صادر عن مكتب الرئاسة أول من أمس، فهو الآتي: «عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قبل ظهر اليوم، في قصر بعبدا، الأوضاع المالية في البلاد والتطورات الداخلية الراهنة. وأوضح سلامة أنه أعلم الرئيس عون بأن الوضع المالي مستقر، وأن ثمة ترقباً للإصلاحات وموازنة 2019. وبعدما أشار الحاكم سلامة إلى جاهزية مصرف لبنان في متابعة الوضع المالي في البلاد، أكد أن الأسواق المالية هادئة وطبيعية».