لا يبدو الخلاف بينَ رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل محصوراً في مكان واحد. الخلاف الذي انعكسَ أخيراً في حرب التصريحات والتسربيات، له أكثر من منبَع. لم يعُد خافياً التبايُن الواقِع بينَ الطرفين في ما يتعلّق بتعيينات المجلس العسكري في الجيش، إضافة إلى الخلاف في ملف بواخر الكهرباء. وفضلاً عن ذلك، يظهَر أن هذا الخلاف انسحب على ملف التعيينات في مجلس «الإنماء والإعمار». يعارض الحريري رغبة باسيل في توسيع مجلس إدارة «الإنماء والإعمار»، فيما يُعارض وزير الخارجية نية رئيس الحكومة تعيين مستشاره الاقتصادي نديم المُلا رئيساً له.ليسَت هي المرة الأولى التي يُطرح فيها ملف تعيينات «المجلس». ففي الحكومة السابقة، حاول الحريري إجراء تغيير جزئي، هدف من خلاله إلى تمرير المنلا، وتأجيل البحث في باقي أعضاء مجلس الإدارة إلى وقت آخر، غيرَ أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رفض الاقتراح يومها، مُصراً على أن تكون التعيينات كلها في سلّة واحدة. ومع تأليف الحكومة وفتح باب التعيينات في غالبية المؤسسات، عاد الملف إلى طاولة التشاور، فيما معلومات مختلف القوى المعنية به تتقاطع حول «وجود عوائق تمنع البحث به حالياً على طاولة مجلس الوزراء». منذ نحو شهر، عادت أوساط تيار «المُستقبل» لتتحدّث عن معارضة عونية لتعيين المنلا رئيساً للمجلس، وهي رغبة سبقَ أن عبّر عنها الحريري في أكثر من مناسبة. لكنها تُراهن أولاً على «تمسّك رئيس الحكومة بمستشاره من جهة»، ومن جهة أخرى على «حلّ العقدة الجديدة بين باسيل والحريري ضمن تسوية عامة تطاول مختلف التعيينات».
ترفُض الأوساط الدخول أكثر في تفاصيل هذا الملف أو الأسباب التي تقِف خلف رفض تعيين المنلا، وهو ما تفعله مصادر التيار الوطني الحرّ، وكأنّ ثمة اتفاقاً ضمنياً على ضرورة عدم إبراز الخلاف حالياً، إلى حين الانتهاء من التعيينات الأخرى. إذ لفتت المصادر إلى أن «ملف تعيينات مجلس الإنماء والإعمار موضوع جانباً». وتحاول المصادر التهرب من الاعتراف بفيتو عوني على المنلا، من دون أن تنفي «وجود الكثير من ملاحظات جماعتنا عليه». وتصف العلاقة بين المنلا وشخصيات في التيار بـ«السيئة جداً في ما يتعلّق بأمور عدّة»، خاصة «حول ملف الكهرباء منذ أيام الوزير سيزار أبي خليل وتستمر اليوم مع الوزيرة ندى البستاني». لكن تأجيل البحث في تعيينات مجلس الإنماء والإعمار بحسب المصادر العونية «لا ينحصر بمعارضة تعيين المنلا رئيساً لمجلس إدارته». فالخلاف الأهم «يتمحور حول توسيع عدد أعضائه من 7 إلى 11، بالإضافة إلى الرئيس».
حزب الله يدرس إمكانية التمثل بعضو في مجلس الإنماء والإعمار


مطلعون على مسار المفاوضات أكدوا أن «الاتفاق على اسم رئيس المجلس لطالما كان يجري بالتشاور بين رئيسي الجمهورية والحكومة، نظراً لأهمية هذا الموقع والصلاحيات المُعطاة الى رئيسه»، حتى «على أيام الرئيس الراحل رفيق الحريري». وترجّح المصادر أن يكون «إصرار باسيل، وربما رئيس الجمهورية، على التدخل في اختيار الاسم، متعلقاً بمشاريع مؤتمر سيدر التي سيتولّى المجلس تنفيذ جزء كبير منها، ولا يرى التيار الوطني أن المنلا لديه الجدارة والكفاءة للقيام بها». ويتهمه بعض العونيين بأنه «سيعمل على خدمة جهات تابعة لفريقه السياسي، وذلك على حساب القوى الأخرى».
ويقول هؤلاء إن «المشكل لا يزال عالقاً بين الحريري وباسيل وحسب، إذ إن الأخير توصّل إلى اتفاق بينه وبين القوات اللبنانية يقضي بأن يحصل التيار على منصب الأمين العام للمجلس، ليختار اسماً بديلاً من غازي حداد، فيما تحصد القوات مقعد نائب رئيس المجلس». إذ بحسب ما ينصّ عليه القانون «تتألف إدارة المجلس من 12 عضواً على الأكثر يعيَّنون بمرسوم في مجلس الوزراء، ويسمّى في هذا المرسوم رئيس (يكون، عرفاً، من الطائفة السنية) ونائبان للرئيس (شيعي ومسيحي، عرفاً) وأمين عام (مسيحي، عرفاً)». هذا الاتفاق أصبح منجزاً بحسب مصادر معراب التي أكدت أنه «اتفاق مبدئي»، مشيرة إلى أن «لا أسماء محسومة حتى الآن»، وذلك بانتظار اكتمال الاتفاق بين مختلف القوى، في ظل ما يُحكى عن أن توسيع عدد أعضاء المجلس سيؤدي بعدد من الأحزاب السياسية إلى المطالبة بحصة. وفيما نفى تيار المردة أن تكون المفاوضات الدائرة تشمل احتمال أن يكون له عضو في مجلس الإنماء والإعمار، علمت «الأخبار» أن حزب الله يدرس إمكانية التمثل بعضو إلى جانب العضو التابع لرئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث إن توسيع أعضاء المجلس يسمح بتعيين عضوين شيعيين.