أما الملف الثاني، فيتعلق باللبنانيين الثمانية المُحتجزين في الإمارات (منذ شباط 2018). يُعاني هؤلاء من الرقابة التي تفرضها السلطات في أبو ظبي على ملف القضية، التي اتخذت «طابعاً سرياً». سنة كاملة من الاعتقال، ولم تتمكن الدولة اللبنانية، بشقيها الدبلوماسي والأمني، من الاطلاع على معلومات القضية. اقتصر الأمر على الفتات الذي أفرجت عنه أبو ظبي، بأنّ الاعتقال أتى على «خلفية أمنية». حتى إنّ محامي الدفاع عن اللبنانيين، مُنعوا من تكوين ملف كاملٍ عن موكليهم، وقد أُجبر المعتقلون على التوقيع على أوراق من دون معرفة مضمون ما كتب فيها، وقيل لهم إنّها لـ«إخلاء سبيل». المُفارقة، أنّهم لا يزالون بعد سنة في السجن! في 27 شباط الماضي، عُقدت الجلسة الثانية لمُحاكمة اللبنانيين الثمانية، الذين تبيّن أنّهم متهمون بتشكيل «خلية تابعة لحزب الله». وكان من المفترض أن تُعقد في 13 الشهر الجاري، الجلسة الثالثة المُخصّصة للدفاع، لكنّها تأجلّت بعدما «انسحب» أحد المحامين من القضية. وبحسب المعلومات، طلب أحد المعتقلين من النائب العام الإماراتي أن يكون السفير اللبناني فؤاد دندن حاضراً في الجلسة. فردّ النائب العام: «البعثة لا تسأل عنكم، ولا أحد يُتابع قضيتكم». فما كان من أهالي المعتقلين في لبنان، إلا أن أخبروا وزارة الخارجية والمغتربين بالتطورات، طالبين موعداً من الوزير جبران باسيل. أما من كان موجوداً من الأهالي في أبو ظبي، فقد زار السفارة اللبنانية، واُخبر أنّه «لا يُمكن القيام بشيء، بسبب عدم وجود اتفاقية قضائية بين لبنان والإمارات». وقد وُعد الأهالي في السفارة بالتواصل مع «الخارجية» في لبنان من أجل تنسيق حضور جلسات المحاكمة، «ونُصحوا باللجوء إلى منظمات حقوق الإنسان، لأنها الوحيدة التي يُمكنها أن تتدخل، بسبب حياديتها». عائلات المعتقلين الثمانية، بدأت بالفعل التواصل مع «منظمة مراقبة حقوق الإنسان»، ومنظمة «العفو الدولية»، في محاولةٍ للضغط لإنقاذ أبنائهم.
بدأت عائلات المعتقلين بالتواصل مع منظمة مراقبة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية
من جهتها، تنفي مصادر وزارة الخارجية الكلام الذي نُسب إلى النائب العام الإماراتي بأنّ الدبلوماسية اللبنانية لا تُتابع الملف، «السفير يطلب لقاء المعتقلين، من دون أن يُلبّى طلبه». حتى إنّه، «لا يوجد تفاصيل حول القضية». وتؤكّد المصادر أنّ الملف يحظى باهتمام الوزارة بكلّ أركانها، «لا يوجد تقصير أو إعطاء أولوية لقضية على حساب أخرى. ولكن، نصل إلى مرحلة، نصطدم بعقلية النظام القائم». فبالنسبة إلى مصادر «الخارجية»، لكلّ دولة خصوصيتها، «وهناك فرق بين أن تُطالب فرنسا أو سويسرا بقضية ما، وبين أن تُطالب دولة أقل ديموقراطية». أمام فشل الوسائل الدبلوماسية، ألا ينبغي تحويل الملف إلى قضية سياسية مع الإمارات، ورفعه إلى مصاف المسائل الوطنية التي تستحق المُطالبة بها من أرفع المسؤولين في الجمهورية؟ توافق مصادر وزارة الخارجية على ذلك، «سابقاً حاول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم متابعة الملف، كما تناوله الوزير جبران باسيل، ومن واجبات الجميع في الدولة التكلّم به. فهذه مسؤولية الكلّ».