لا يتحرك أساتذة الجامعة اللبنانية إلاّ من أجل مطالب مادية محقة تخص رواتبهم أو مكتسباتهم فحسب، متغاضين عن كل الانتهاكات والمخالفات القانونية والإدارية والمالية التي ترتكبها أحزاب السلطة بحق الجامعة وأهلها على السواء.إضراب الأساتذة لمدة 3 أيام اقتصر على المطالبة بتعديل قانون احتساب عدد سنوات الخدمة (إضافة 5 سنوات عند بلوغ سن التقاعد) وبزيادة 3 درجات على رواتبهم. وغاب عنه خفض موازنة الجامعة وغيره من القضايا التي أدرجت في البيان الصحافي لرابطة الأساتذة المتفرغين، وفي ورقة عمل الرابطة بعيد انتخابها.
المطالب المرفوعة لم تلقَ آذاناً صاغية لدى كل الكتل النيابية، فلم تحظَ الرابطة بأي موعد مع أي من ممثلي هذه الكتل قبل إعلان تحركها، ولم تحظَ حتى بمقابلة أي نائب أو مسؤول لدى دخول وفد منها مجلس النواب في أثناء الاعتصام. كما أنها لم تحظ باهتمام الإعلاميين والصحافيين المهتمين بقضايا الجامعة. وبما أن الهيئة التنفيذية للرابطة هي نتاج ائتلاف أحزاب السلطة، كان الأجدى بأعضائها الضغط على أحزابهم لتحقيق المطالب، وحيث أنهم لم يفلحوا بأخذ مواعيد من كتلهم النيابية كان الأولى بهم الاستقالة من هذه الأحزاب أو من الهيئة التنفيذية للرابطة.
أما الجمعيات العمومية الفولكلورية فقد فوضت بغالبيتها الهيئة التنفيذية باتخاذ القرارات المناسبة وصولاً إلى الإضراب المفتوح من دون أي نقاش أو تصويت على خطة عمل تصاعدية واضحة، فكأن الهدف من هذه الجمعيات هو الثناء على نجاح التحرك وكذلك تخلي الأستاذ عن ممارسة دوره النقابي في مراقبة أداء الرابطة ومحاسبتها.
هذا في الشكل أما في المضمون فهناك ما هو أخطر:
أ- بروز نغمة «الفروع الثانية» و«فروع الشمال» وتكرارها في العديد من البيانات ينذر بما هو أسوأ، ففي الوقت الذي نطالب به بإلغاء الطائفية والمناطقية يأتي تكريسها على ألسنة أهل الجامعة اللبنانية المنوط بهم مهمة الوقوف في وجه كل أشكال التقسيم والتمييز.
ب- الإسهاب في ضرب العمل النقابي عبر تدجين القواعد أي الأساتذة ومصادرة قرارهم، بحيث تزوّر محاضر الجمعيات العمومية من خلال إعلان تفويض الرابطة من دون حصول أي تصويت على التفويض وعلامَ يفوِّض الأساتذة الهيئة التنفيذية.
من هنا نرى أن الرابطة ليست شاهدة على استباحة أحزاب السلطة لاستقلالية الجامعة فحسب، إنما هي تساوم وتتواطأ على الحقوق عبر مصادرة العمل النقابي المستقل وتجييره لمصلحة أحزاب السلطة لا العكس. إن الرابطة مطالبة بإعادة تفعيل العمل النقابي عبر احترام نظامها الداخلي ومن خلال حملها لقضايا الجامعة المتعددة وليس فقط القضايا المادية لأساتذتها. هي مطالبة بصون كرامة الأساتذة وحقوقهم في تصديها للمحاصصة الحزبية والطائفية تحت مسمى «التوازن الوطني» و «وثيقة العيش المشترك»، في ما خص حق التفرغ للأساتذة المتعاقدين. هي مطالبة بالتحرك الجدي من أجل رفع موازنة الجامعة ودعم مشاريع إنشاء المجمعات الجامعية والمختبرات البحثية.

* مجموعة «من أجل جامعة وطنية مستقلة ومنتجة»