بعد أربعة أشهر من زيارته السابقة للبنان، وجد دوكان ضرورة للعودة بعد أن تشكّلت الحكومة «لأقوم بجولة أفق مع الحكومة اللبنانية ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء والجهات المانحة. لقد استخلصت من هذه الزيارة أن ما اتُّفق عليه في 6 نيسان في باريس لا يزال قائماً. هناك اتفاق من قبل القوى السياسية للسير قدماً في المجالات الآتية: المشاريع والتمويل والإصلاحات». وأضاف دوكان أنّ «الحكومة لا تملك ترف الانتظار. عنوان البيان الوزاري هو إلى العمل، ويجب العمل بسرعة»، نافياً أن يكون قد هدّد بأنّه إذا لم تُجرَ الإصلاحات خلال مُهلة شهرين فستُلغى أموال المشاريع، «لقد قلت إنّ الأمور يجب أن تجري بسرعة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر... هناك الكثير من الأمور السهلة الموجودة في البيان الوزاري يمكن القيام بها في الأمد القصير، وهي إشارات إيجابية للمجموعة الدولية». ولكن تكراركم أنّه يجب العمل بسرعة، ألا يُعَدّ تهديداً؟ ردّ دوكان على سؤال «الأخبار» بالترداد بقوله: «لا نوجّه إنذاراً إلى لبنان». عبارة كرّرها مراراً خلال المؤتمر. وعلّل بأنّه «لا يوجد وقت لإضاعته. الاستثمارات هي من مصلحة لبنان. الأموال موجودة، ولكن ليس للتوزيع مجاناً».
عبّر دوكان، في لقائه السفراء، عن استيائه من عدم جدية المسؤولين اللبنانيين
تحدّث دوكان خلال المؤتمر عن «التوازن بين تطبيق المشاريع، والإصلاحات الإقطاعية، والتمويل من قبل المجموعة الدولية». ثمّ قدّم «التعليمات» لما يجب على لبنان القيام به: «تسمية المراكز الشاغرة في الهيئات الناظمة للطاقة والاتصالات والطيران المدني، إعطاء مجلس الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص الوسائل اللازمة للقيام بالعمل، إقرار موازنة عام 2019 في نهاية آذار أو أول نيسان. في هذه الموازنة، لا شك في أن هناك قرارات صعبة، وهي واردة في البيان الوزاري، ومنها خفض العجز (عجز الموازنة) نحو 1% (من الناتج المحلي). وهناك أيضاً عمل يجب القيام به في القطاع العام لجهة عمله وإنتاجيته وموظفيه». وأكمل تلاوة «أوامر» دولته بأنّه يجب «إصلاح قطاع الكهرباء، فمن دون كهرباء من الصعب الاستثمار». أما في موضوع مكافحة الفساد، «فيجب أن يكون من خلال أمور تقنية، منها التحول نحو الإدارة الإلكترونية التي تشكل الوسيلة لتخفيف الفساد». وردّاً على سؤال «الأخبار» بأنّ تكرار الحديث عن الإجراءات الواجب على لبنان اتخاذها يُعبّر عن الرؤية الفرنسية، لا اللبنانية، وهو تدخل بشؤون محلية، وصف دوكان كلامه بـ«النقاش الطبيعي»، ففي النتيجة «لا لبنان ولا المانحون مُلزمون بشيء. هناك عقد، إذا كان أحد لا يريده، يقوم بما يراه مناسباً». وأضاف أنّه يتحدث عمّا ورد في البيان الوزاري «الذي كتبته الحكومة، لا المانحون. هل كُتب إرضاءً لأحد؟ كلا، بل ليسير لبنان بشكل أفضل».
وكان دوكين قد اختتم زيارته أمس بلقاء كلّ من رئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير المال علي حسن خليل، ووزير الاتصالات محمد شقير، ووزير البيئة فادي جريصاتي. كذلك فإنّه عقد اجتماعاً في قصر الصنوبر مع سفراء الدول المانحة في «سيدر»، وممثلين عن المؤسسات الدولية في لبنان. ورغم أنّ دوكان كرّر بعد لقاءاته مع الوزراء أنّه وجد استعداداً لبنانياً «للبدء بالإصلاحات والاستثمارات»، إلا أنّ مصادر اجتماع الدبلوماسي الفرنسي مع سفراء الدول المانحة، أبلغت «الأخبار» أنّ دوكان «عبّر، بعد جولته على الوزارات، عن استيائه من عدم جدية المسؤولين اللبنانيين، وعدم قدرتهم على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة»، معتبراً أنّهم «يُضيعون وقت شعبهم ووقتنا».