من المُتوقَّع أن تعود التغذية الكهربائية إلى «طبيعتها» في جميع المناطق اللبنانية بدءاً من مساء اليوم، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي لـ«مؤسسة كهرباء لبنان»، منذ أيام، وذلك بعد توقيع الاعتمادات العائدة لبواخر الفيول أويل (لزوم معملي الذوق والجية)، والاعتمادات الخاصة بمادّة الغاز أويل (لزوم معملي دير عمار والزهراني).وكانت مختلف المناطق اللبنانية قد شهدت خلال الفترة السابقة، تقنيناً قاسياً وصل إلى 18 ساعة يومياً في مختلف المناطق اللبنانية، فيما تبلغ ساعات التقنين «الطبيعية» فيها 12 ساعة، وإلى تسع ساعات في بيروت الإدارية، فيما تبلغ ساعات التقنين العادية فيها ثلاث ساعات. ما يعني أنّ التقنين زاد خلال الفترة الماضية ست ساعات إضافية من الانقطاع.
أمّا سبب تلك الأزمة، فهو ــ وفق ما صرّحت به «مؤسسة كهرباء لبنان» ــ أن وزارة المالية لم توقّع الاعتمادات اللازمة لتأمين المُشتقات النفطية (سواء العائدة لبواخر الفيول، أو تلك الخاصة بمادة الغاز)، موضحةً أنها «أرسلت الكتب الخاصة بفتح الاعتمادات (..) بتاريخ 23/1/2019 (..) وفق الآلية المتفق عليها من قبل الوزارات المعنية منذ ما يزيد على عشر سنوات».
وبمعزل عن الأسباب الكامنة خلف التأخير في الاعتمادات، وفيما يتّجه بعض متابعي الملف إلى طرح مخاوف ممّا إذا كانت هذه الأزمة مُفتعلة وهدفها «تنفيع» أصحاب المولّدات، ثمة مُعطيات جدّية تُشير إلى إمكانية تكرار هذه الأزمة خلال الأشهر المُقبلة من السنة.
قبل نحو ثلاثة أشهر، قال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، إنه يجب خفض الدعم عن الطاقة الكهربائية بقيمة 600 مليون دولار، وهو أمر يأتي في سياق تعهّد الحكومة اللبنانية في نيسان الماضي خفض العجز بنسبة 5% من الناتج المحلي خلال 5 سنوات (أي ما يعادل 1% سنوياً بقيمة نحو 3 مليارات دولار).
وفق الباحث في مجال الطاقة مارك أيوب، إنّ خفض الدعم يُمكن أن يترجم إمّا «عبر رفع تعرفة أسعار الكهرباء، أو عبر خفض استيراد الفيول أويل المخصص لمعامل إنتاج الكهرباء، وبالتالي خفض الفاتورة النفطية وزيادة ساعات التقنين».
اللافت هو ما يُشير إليه أيوب لجهة ربطه بين زيادة ساعات التقنين، وخطوة تركيب عدّادات لمولّدات الأحياء خلال العام الماضي. برأيه، إنّ خطوة العدادات قد تأتي «كعملية استباقية تقونن قطاع المولدات، وتخفض فاتورته على المواطنين».
بمعنى آخر، إنّ أزمة التقنين التي حصلت، أخيراً، قد يكون سببَها، فعلاً، تأخيرٌ في الاعتمادات (إن جرى التسليم بأن خلفيات تقنية محض وراء التأخير)، إلّا أن مخاوف جدية تطرح حول إمكانية تكرار هذه الأزمة خلال الأشهر المُقبلة.