تحت عنوان «أنقذوا موقع الباشورة الأثري»، ينطلق، في 24 الجاري، مسير «أثري» لتعريف ناس المدينة بتاريخ بعض المواقع الأثرية الباقية في بيروت، وتلك التي «نامت» إلى الأبد تحت الأبراج العملاقة والمولات. يبدأ المسير من الموقع الأثري الذي كان، على مقربة من جريدة «النهار»، مروراً بموقعين في الصيفي ومونو، وصولاً إلى منطقة الباشورة، وتحديداً العقار 740 حيث ما بقي من السور الروماني الذي استحال أحجاراً مكوّمة على أطراف العقار. وهنا، بيت القصيد. فالسور اليوم موضع دعوى «عالقة» - مع الدولة - أمام مجلس شورى الدولة. إذ إن وزير الثقافة سمح للشركة المستثمرة (شركة «عالية») بفكّه رغم معارضة المديرية العامة للآثار، في مخالفة للمادة 17 من المرسوم 3058 التي تنصّ على أنه «لا يمكن تفكيك أيّ من المكتشفات الأثرية غير المنقولة إلّا بقرار مُسبق من المدير العام للآثار».قبل ثلاثة أشهر، صدر قرار إعدادي عن «شورى الدولة» بوقف الأعمال في العقار إلى حين ورود جواب وزارة الثقافة وتسليم الملف الإداري للحفرية. ولأن ذلك لم يحصل إلى اليوم، سيكون المسير موعداً لإطلاق تحرّك جديد من أجل هوية بيروت التي «تدوس فوقها المولات»، وفق المحامية فداء عبد الفتاح. ولئن كان عنوان التحرّك إنقاذ السور الأثري، إلا أن الهدف الأساس هو «هوية بيروت التي تُفقَد»، يقول بيار خوري مسؤول الدائرة الثقافية في «بيروت مدينتي». والتحرّك سيكون نواة تؤسس لحملة وطنية هدفها حماية هوية العاصمة الأثرية والتراثية. بحسب خوري، الجزء الأهم من المسير هو في آخر المحطة «في العقار 740، حيث سيكون هناك من يخبر قصة السور من الناحيتين العلمية والقانونية، إضافة إلى الإجابة عن سؤال: ما الذي يحدث في الموقع».
السور الروماني ليس تاريخ بيروت الوحيد الذي يواجه هذا المصير، فقد سبقته إلى الاندثار مواقع كثيرة انتهت إلى غير رجعة بعدما «جُرفت»، يقول الدكتور ناجي كرم، أستاذ الفنون والآثار الفينيقية، ولم يبقَ اليوم إلا سبعة مواقع أثرية، ليست محمية بطبيعة الحال «في ظل وجود العقلية السياسية ذاتها التي يحكمها الجهل».
مواقع أثرية كثيرة جُرفت ولم يبقَ اليوم إلا سبعة مهدّدة


ومن المفترض أن يستتبع المسير في مرحلة لاحقة بوقفة أمام وزارة الثقافة تحت عنوان «الإنقاذ» أيضاً، على أن تكون هذه التحركات مجرّد بداية تأسيسية للحملة التي تستهدف تصحيح مسار صار نهجاً في وزارة الثقافة، أساسه التعدّي على صلاحيات المديرية العامة للآثار التي لها الحق في تقرير مصير المكتشفات الأثرية.
وفي ما يتعلق بقضية السور الروماني والمراجعة المرفوعة أمام مجلس شورى الدولة، لا شيء جديداً يمكن التعويل عليه، إذ إن الدولة لم تقدّم جوابها بعد، ولا حتى الملف الإداري للحفرية الذي «يكشف» عن المراسلات التي جرت في هذا الصدد، ولا سيما تقرير المديرية العامة للآثار الذي قضى بمنع فك السور وإعادة دمجه. فيما قدّمت شركة «عالية»، التي تقدمت سابقاً طلب تدخل في الدعوى، جوابها إلى «الشورى».