لم تكد تُعلن ولادة الحكومة حتى أعطى مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الإذن بملاحقة عدد من الضباط المشتبه في تورطهم في ملفات فساد. عثمان الذي حالت الحسابات السياسية لأشهر دون إقدامه على هذه الخطوة، تحرّك أخيراً، نتيجة للحسابات السياسية أيضاً. في السابق، كان اتفاق رئيس الحكومة سعد الحريري مع النائب السابق وليد جنبلاط يمنعه من منح القضاء الإذن بملاحقة الضباط المشتبه فيهم، لأن أحدهم محسوب على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ويحظى بحمايته. ويوم أمس، أدى الخلاف المستعر بين جنبلاط والحريري إلى صدور قرار عثمان الذي يسمح للقضاء بملاحقة الضباط. وإضافة إلى ذلك، أصدر المدير العام للأمن الداخلي برقية وضع بموجبها في تصرفه كلاً من العقيد وائل م. والعقيد عارف غ. والرائد ش. ح. والنقيب ح. ق، وهم الذين يُشتبه في تورطهم بملفات فساد.أبرز هؤلاء هو العقيد وائل م. فعدم ملاحقته كان العقبة التي أوقفت ما يُسمى حملة مكافحة الفساد في قوى الأمن الداخلي. إذ إنّ جنبلاط وضع «فيتو» على محاسبته، على رغم الاشتباه في قبضه رشاوى من اثنين من أباطرة الدعارة في لبنان، مقابل توفير الحماية لهما. وقد اعترف عدد من العسكريين أنّه كان يُحدِّد نسبته من الأرباح تبعاً لـ«الخدمة» المطلوبة، بدءاً من ترك موقوفين، مروراً بنقل عسكريين، وصولاً إلى خدمة تنبيه مطلوبين تتوجه دورية لدهمهم. أما العقيد عارف غ، المحسوب على تيار المستقبل، والذي كان يتولّى إمرة مفرزة بعبدا القضائية لسنوات، فمشتبه فيه قبضه رشى لحماية مطلوبين. في جميع الأحوال، فإن قرار عثمان سيحرر هؤلاء الضباط الذين يعيشون منذ أشهر في حالة انتظار. فربما سيتمكنون من الدفاع عن أنفسهم وإثبات براءتهم، فضلاً عن أن مرجعياتهم السياسية ربما ستتدخل لحمايتهم في القضاء.