إن كان جواد عدرا هو الوزير السُّني السادس، أو غيّرت الساعات الأخيرة الاسم، فإن النتيجة صارت ثابتة: ولّى زمن الأُحادية السُّنية. لكن تحقيق هذا «الإنجاز» لم يكن ليتحقق لو لم يقتنع الرئيس سعد الحريري بأنه لم يعد بالإمكان تخطي نتائج الانتخابات، ولو لم يُقدِّم رئيس الجمهورية المخرج من حصّته، ولو لم يتنازل اللقاء التشاوري عن شرط توزير أحد أعضائه حصراً.لكن في الطريق إلى هذه التسوية، صار السؤال عن مدى قدرة اللقاء التشاوري على الصمود ككتلة واحدة، مشروعاً. فعدم تضامُن أعضائه واتفاقهم على اسم واحد يمثّلهم، جعلهم ينتقلون مع اللواء عباس إبراهيم إلى الخطة باء، فيسلمه كل منهم الاسم الذي يرشحه، على أن يختار رئيس الجمهورية من الأسماء المقترحة. وعليه، فإن السير بهذه الخطة يستدعي تقبّل نتائجها، وهو ما لم يحصل بعد، لكن من دون أن يحصل عكسه أيضاً. وعملياً، إن اسم جواد عدرا إنما خرج من بينهم، إذ أقدم النائب قاسم هاشم على تسليم اسمه لإبراهيم، فتبين أنه الاسم الرابح، لكونه يراعي كل المعايير التي اتفق عليها، فهو ليس مستفزاً للحريري ويوافق عليه رئيس الجمهورية.
عند هذا الحد لم يعد مهماً، في الشكل على الأقل، لماذا اقترح هاشم هذا الاسم تحديداً، لكن الأهم أن آلية الاختيار لم تتغير. وهم لذلك تحديداً لم يخرجوا بموقف علني رافض، وأبقوا على اجتماعاتهم مفتوحة طوال يوم أمس، على أن يستكملوها اليوم.
من جهة حزب الله، ظل الموقف على حاله: الموافقة على أي اسم أو مخرج يسيرون فيه. مقدمة نشرة أخبار المنار كانت في السياق نفسه، إذ أشارت إلى أن «اللقاء التشاوريّ ساهم في إشاعة التفاؤل بعدما سلَّمَ لائحةً مؤلفةً من أربعةِ أسماءٍ للتوزيرِ لا مشكلةَ عليها». عبارة «لا مشكلة عليها»، تعني بصريح العبارة أن لا مشكلة في توزير عدرا. وهذا كان كافياً لخلط أوراق اللقاء التشاوري، فمن يود الخروج عن الاتفاق وإعلان رفضه اسم عدرا أو اعتباره لا يمثّل اللقاء، إنما يدرك أنه يحرج حليفه الذي وقف معه على طول الخط. وهذا الحرج يطاول اللقاء أيضاً، فحتى لو عاد معظم أعضائه واتفقوا على اسم واحد، فإنه يتوقع أن لا يحصل على الإجماع. علماً أن ذلك لا يلغي اقتناع كثر في 8 آذار بأن إخراج التسوية جاء سيئاً، وعلى حساب أعضاء اللقاء، الذين وجدوا أنفسهم أمام خيارات محدودة، أفضت إلى مرشح ليس من 8 آذار، وإن كان مقرباً من معظم أطرافها.
إلى جانب الاجتماعات المتكررة التي عقدها اللقاء التشاوري، استكمل اللواء عباس إبراهيم وساطته، فانتقل إلى وزارة الخارجية، حيث التقى الوزير جبران باسيل، قبل أن ينتقل الأخير إلى بيت الوسط، آملاً بعد لقائه الحريري «أن ترى الحكومة النور في اليومين المقبلين، وبذلك يعيّد اللبنانيون في ظل وجود حكومة جديدة». وقال إنه «لا يزال هناك القليل من العمل لإنجازه، سيتابعه ويقوم به الرئيس الحريري».
ويبقى بحسب التسلسل الذي اتفق عليه أن يلتقي رئيس الحكومة المكلف أعضاء اللقاء التشاوري، على أن يحدد الحريري مكان اللقاء، سواء في قصر بعبدا أو في السرايا الحكومية.
العقدة الأرمنية تحلّ... وماروني القوات يخضع للنقاش


وكان النواب قد نقلوا عن الرئيس نبيه بري، بعد لقاء الأربعاء النيابي، قوله: «إننا أصبحنا على مشارف تشكيل الحكومة، رغم أننا كنا قد طرحنا هذا الحل منذ ما يقارب أربعة أشهر، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً».
وأكد أن «تشكيل الحكومة مهم، لكن الأهم أن تكون حكومة متآلفة كما عبرت مراراً، من أجل أن تنجز الأعمال وتواجه الاستحقاقات وتتخذ القرارات في كل التحديات، أكانت إصلاحية أم اقتصادية أم تتعلق بمعالجة أزمات الوطن والمواطن».
وعلى خط موازٍ، كان إبراهيم يستكمل مساعي إزالة العقبات الباقية، فاستقبل وفداً من حزب الطاشناق برئاسة النائب هاغوب بقرادونيان، الذي يعترض على حرمان الحزب حقيبةً وزارية، والاكتفاء بإعطائه وزارة دولة، بالرغم من أنه الحزب الأكبر على الساحة الأرمنية.
وكانت التشكيلة التي سبق أن أعلنت، قد تضمنت حصول ممثل القوات ريشار قيومجيان على حقيبة الشؤون الاجتماعية، بما يبقي للطاشناق وزارة دولة (الحصة الأرمنية في الحكومة وزير بحقيبة ووزير دولة). وعليه، فقد أكدت مصادر متابعة أن هذه العقدة لن يكون حلها صعباً، وأحد الاحتمالات أن يصار إلى الإبقاء على الشؤون الاجتماعية من حصة القوات، على أن تؤول إلى الوزير غسان حاصباني (إلى جانب نيابة رئاسة الحكومة). وبذلك، يحصل قيومجيان على وزارة دولة، مقابل بقاء حقيبة السياحة مع الطاشناق.
وإلى ذلك، كانت قد بقيت إشكالية وحيدة لم ترقَ إلى مستوى العقدة، وتمثلت باعتراض التيار الوطني الحر على حصوله على حصة مارونية من وزيرين أسوة بالقوات، بعدما انتقل وزير ماروني إلى الحصة الحريرية ربطاً بالاعتراض الأرثوذوكسي على توزير زوجة الوزير محمد الصفدي فيوليت خيرالله عن أحد المقاعد الأرثوذوكسية. وقد طالب التيار باستبدال القوات مقعداً كاثوليكياً بالمقعد الماروني الثاني، إلا أن هذا الأمر لم يكن قد حُسم بعد.