عشية عيد الإستقلال، أطلقت «الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري» عريضة لمطالبة البنك الدولي بسحب تمويله لمشروع سد بسري. حتى يوم أمس، بعد خمسة أيام على الإطلاق، لامس عدد الموقعين عتبة الأربعة آلاف، وهو مرشح للإرتفاع.وليست هذه العريضة الأولى في مشوار مشروع السدّ، لكنها الأولى الموجهة الى البنك الدولي، لوقف تمويل «الكارثة»، بحسب الناشط البيئي بول أبي راشد، من خلال قرضٍ تبلغ قيمته 474 مليون دولار.
في أربع فقرات، تختصر العريضة مشوار 8 سنوات من حكاية السد الذي كان الوزير جبران باسيل أول من طلب إعادة إحياء العمل على دراسته عام 2010. وتتحدث عن ثلاثة أنواع من التهديدات، «أولها يتعلق بإلغاء أهم المناظر الطبيعية في لبنان، وأهم الموائل أيضاً. إذ يعد مرج بسري موئلاً مهماً للطيور المهاجرة». وثانيها «التهديد الثقافي المتمثل بجرف أو طمر أو نقل مواقع تاريخية تعود الى عصور وحقبات مختلفة منها الفارسي والروماني والبيزنطي والهيلينيستاني...». وثالثها «تهديد السلامة العامة»، إذ يقع المشروع على خط زلزالي ناشط (فالق روم)، «ما يزيد من مخاطر حدوث زلازل سيسببها الخزان هناك».
العريضة تأتي قبل أيام من جواب البنك الدولي على دعوى قدمتها الحركة البيئية (مؤلّفة من مجموعة من الجمعيات والأهالي المتضررين من المشروع) إلى هيئة التفتيش في البنك الدولي ضد البنك نفسه، وبعد جلسات إستماع نظّمتها الهيئة، قبل شهر، مع معارضين للسد ومؤيدين له.
بحسب الناشط وممثل لجنة الأهالي رجا نجيم، «لا خيارات كثيرة أمام البنك: إما إبقاء اتفاقية القرض سارية مع الدولة اللبنانية أو الإنسحاب من تمويل مشروع مدمّر للبيئة». وعلى أساس الجواب «ستكون خطة العمل المقبلة للحملة الوطنية ولجنة الأهالي».
وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل شدّد أول من أمس على «أهمية إنشاء السدود»، وعلى ضرورة «وقف الأوهام حول سد بسري»، معتبراً أن من يقف في وجه إنشاء السدود، لا سيما سد بسري، «منخرط في المشاريع المناهضة للمياه اللبنانية والطامعة بمياهنا كالعدو الإسرائيلي». ويستند المؤيدون للمشروع إلى دراسات لمجلس الانماء والاعمار تؤكّد أن المشروع سيؤمّن «125 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، يستفيد منها 1,6 مليون لبناني». فيما يستند المعارضون الى «دراسات علمية» تسأل عن مصادر هذه المياه، «خصوصاً أن الدراسات الحديثة تثبت أن مياه الأنهار والينابيع انخفضت بمعظمها إلى النصف، فيما جف بعضها تماماً»، وفق نجيم. يلفت الأخير الى أنه، في انتظار جواب البنك الدولي، يرسم المعارضون خطوات المواجهة المقبلة التي من شأنها «إعلام الجميع أن هذا المشروع ليس نزهة، وقد استند المروجون له الى دراسات لمجلس الانماء والاعمار أقرب ما تكون الى عمليات تزوير وفساد علمي. في وقت تؤكد دراسات نفذها خبراء على خطورة السد، لا سيما في ما يتعلق بالفالق الزلزالي الذي يمكن أن يضاعف الحجم الإضافي من المياه نشاطه، إضافة إلى تدمير الحياة البرية عبر قطع نحو مليوني شجرة».
مصادر مجلس الإنماء والإعمار، من جهتها، تشدّد على أهمية هذا المشروع «الحيوي الذي من شأنه توفير المياه لمليون ونصف مليون مواطن»، مؤكدة أن موقع السد والبحيرة يبعد عن الفالق الزلزالي بنحو كيلومترين. أما في ما يتعلق بالأشجار التي سيجرفها المشروع، فيحصرها المجلس بـ«60 ألف شجرة مثمرة و60 ألف شجرة برية، على أن يتم التعويض عنها بتشجير المنطقة المحيطة بالبحيرة». فيما هناك آلية ملحوظة «للحفاظ على الآثار بنقلها إلى أماكن أخرى تحت إشراف المديرية العامة للآثار».