يحتفل العالم، غداً، باليوم العالمي للطفل. في لبنان، هذه المرّة الأولى، بعد 63 عاماً، التي يحتفل بها بهذا اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1954، بهدف «تحسين رفاه الأطفال».هذا العام، قررت منظمة «يونيسف» أن يكون الأزرق شعار اليوم العالمي، معلّلة ذلك بأن هذا اللون شعار «الأمان». أمان الأطفال من الأذى، وأمانهم في عالمٍ يكونون فيه جميعاً «ملتحقين بالمدارس، وقادرين في الوقت نفسه على تحقيق إمكاناتهم». هذا ما أرادته «يونيسف»: أحلام «زرقاء» في عالمٍ آمن. لكن، من قال إن مجرّد «هاشتاغ» بالأزرق سيغيّر واقعاً يعيشه أطفال العالم، وتحديداً في العالم العربي الذي طحنت فيه الحروب حيوات كثر منهم، وقلّصت أحلامهم لتصبح على مقاس إيجاد مأوى يحميهم من صقيع الشتاء، بعدما ذهبت الحرب ببيوتهم التي كانت تحتضن أحلامهم البسيطة. في مثل هذا اليوم، ثمة أطفال سيواصلون تلوين العالم بأحمر دمهم. في اليمن، لن يمنح اليوم العالمي الرفاه لأطفال يموتون في مجازر يومية تستهدف بيوتهم وأسواقهم ومدارسهم ومستشفياتهم وملاعبهم. وكذلك الحال في سوريا التي تشرّد أطفالها في أصقاع الأرض. أما في لبنان، فالحرب التي دارت رحاها سنواتٍ طويلة لم تنتهِ تبعاتها في حيوات اللبنانيين، وتحديداً الأطفال. في لبنان، وفي القرن الواحد والعشرين، لا تزال نسبة 30% من اليد العاملة في الزراعة من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً، ولا يزال 1 من أصل 4 أطفال يعيشون في حالة فقر ولا يستطيعون، تالياً، تحصيل تعليمهم، ولا يزال نصف المتعلمين يتخلّفون عن الالتحاق بالتعليم الثانوي.
في لبنان أيضاً، جل العائلات عاجزة عن توفير الترفيه والراحة لأطفالها، بعدما بات كل شيء يحتاج لثمن، فأي عائلة مؤلفة من طفلين تحتاج لضعف الحد الأدنى لأجورها كي تؤمن 4 «ضهرات» شهرياً لأطفالها. وما يزيد الطين بلة، أن لا مساحات خضراء ليرفّه الناس عن أنفسهم، بعدما حوّلت طفرة الباطون كل فراغ إلى مبانٍ خرساء، أو إلى مساحة ترفيه مدفوع الثمن. لا شيء مجانيّاً. الرفاه، هنا، أن تدفع في مقابل حقك بالترفيه أو التعليم أو الأمان... أو حتى مجرّد العيش.

(تصميم سنان عيسى) | أنقر على الرسم البياني لتكبيره