تروّج شخصيات سياسية لهذا الاتفاق في معرِض تبريرها تمسّك الحريري بحصّته الوزارية كاملة. في مقابِل تأكيدها ذلك، يُصرّ المستقبليون على أن «لا شيء نهائياً حتى الآن»، لا سيما أن رئيس الحكومة يتكتّم بشدّة على أسماء وزراء المستقبل: «حتّى الصيغة التي تقدّم بها إلى رئيس الجمهورية قابلة للتعديل، نتيجة معطيات مستجدّة». يُلمّح هؤلاء إلى ما ترّدد عن توزير فيوليت (خيرالله) الصفدي، للقول أن الأمور لا تزال خاضعة للنقاش. الحريري قد «يُعيد النظر بهذا الخيار»، خصوصاً بعد كلام المطران الياس عودة من قصر بعبدا عن «تمثيل الأرثوذكس في الوزارة أفضل تمثيل». فُهم ذلك «اعتراضاً على توزير فيوليت لأنها تفتقر إلى أي حيثية، سوى أنها زوجة الوزير السابق محمد الصفدي». الجوّ نفسه تردّده مصادر الرئيس ميقاتي. صحيح «تمّ الاتفاق بين الرئيسين حول هذا الأمر خلال الاجتماع الأخير الذي ضمّ رؤساء الحكومات السابقين في وادي أبو جميل». وصحيح أيضاً أن «الحريري تسلّم من ميقاتي مجموعة أسماء للاختيار منها». لكن «الاتفاق لم يُحسم. ومنذ الاجتماع لم يعاود الرجلين النقاش بهذا الأمر». يتفق الميقاتيون مع المستقبليين بأن «الاتفاق خاضع للظروف. علينا أن نرى مسار الحكومة في المرحلة المقبلة».
حينَ سادَ معيار وزير لكل أربعة نواب التزم ميقاتي الصمت عن «حقّه»
مُحاولة الفريقين التستّر على هذا الاتفاق، لم يمنَع خروج تسريبات كثيرة تحدّثت عن حصّة طرابلس الوزارية «والتي يُمكن أن تكون مقسومة بين وزير للحريري هو النائب السابق مصطفى علّوش، وآخر لميقاتي هو عادل الأفيوني (مصرفي مقيم في لندن)». ما إن خرج اسم الأفيوني إلى العلن، بدأ البعض بتسجيل اعتراضه كون الاسم ليسَ من الوسط السياسي المعروف. ففي بيان لحركة التنمية والتجدد التي يرأسها وزير العمل محمد كبارة توقّفت الحركة أمام قضية حصة طرابلس الوزارية. ورفضت أن «تتم تسمية وزراء يسقطون بالباراشوت على طرابلس و تعيينهم استناداً إلى حسابات لا مكان فيها لمصلحة طرابلس». فهل كان المقصود بذلك الأفيوني؟
بصرف النظر عن ذلك، فإن مجرّد التوافق بين الحريري وميقاتي على وزير طرابلسي، أكانَ الأفيوني أو غيره، يدفع إلى السؤال عن دافع رئيس الحكومة للذهاب إلى مثل هذه الخطوة؟ قد تكون مُقتضيات المرحلة المقبلة والحسابات الحسّاسة فيها هي التي فرضت هذا النوع من التلاقي. بحسب مطلعين على أجواء العلاقة بين الرجلين بعد الانتخابات النيابية الأخيرة «يسعى الحريري إلى كسب ميقاتي لمصلحته». فهو «بحاجة إلى قوى سياسية تؤازره، وتشكّل له رافعة خارج تيار المستقبل». المرحلة السابقة «أثبتت بأن ميقاتي مستعدّ للعب هذا الدور، وقد رأى الجميع كيف انضم إلى رؤساء الحكومات السابقين ليكون حاضنة فعلية في معركة الدفاع عن صلاحيات رئيس الحكومة». الاتفاق «فيه مصلحة للطرفين». سياسياً «يمكن الحريري استغلال هذا الاتفاق في معركته داخل الحكومة أو خارجها في مواجهة أي حصار له». أما خدماتياً وإنمائياً «فسيكون هذا التوزير أشبه بتقاسم طرابلس إنمائياً وخدماتياً، فيعوّض ميقاتي عن تقصير الحريري في هذا المجال على أن تعود فوائده شعبياً على الطرفين»!