التنجيم أهون من استشراف مصير تأليف الحكومة. الأمور متوقفة عند النقطة نفسها، التي تعرقلت عندها قبل أسبوع: تمثيل النواب من الطائفة السنية غير المنتمين إلى تيار المستقبل، والحقيبة الثالثة التي ستحصل عليها القوات اللبنانية، بعد أن وعدها الرئيس المُكلّف سعد الحريري «من كيس غيره» بحقيبة العدل، قبل أن يتبين أنّ الرئيس ميشال عون ليس بوارد التخلّي عنها. على المقلب الآخر من «القوات»، تقف كلّ القوى السياسية الأخرى التي نالت الحصّة ونوعية الحقائب التي طالبت بها، بمن فيها الحزب التقدمي الاشتراكي، «الشريك» الذي حرّر نفسه من «مُحاولة اتفاق» مع القوات اللبنانية بأن يكونا «سوا» داخل الحكومة أو خارجها. العقدتان (تمثيل النواب المستقلين وحقيبة القوات اللبنانية)، قد يكون حلّهما بسيطاً جداً، فيُعلن عن تشكيل الحكومة يوم الأحد من قصر بعبدا كما يُريد الحريري، أو قد يكونا وقوداً لإحراق كلّ الخطوات الإيجابية التي تحققت، حتى الآن. انطلاقاً من هنا، تنقسم القوى المشاركة في المفاوضات بين رأيين، الأول يُعبّر عنه التيار العوني وفريق رئيس الحكومة بأنّ الأحد هو «يوم البشارة»، والثاني تنقله بقية القوى بأنّ الكلام الإيجابي عن قرب تأليف الحكومة لا يتزامن مع مؤشرات جدّية لذلك.يوم أمس، كان بيت الوسط مكان «حجٍّ» لكلّ من النائب وائل بو فاعور والوزيرين علي حسن خليل وملحم رياشي «الذي التقى الحريري بناءً على طلب الأخير، من دون أن يكون حاملاً مطالب إضافية غير تلك التي نقلها مدير مكتب رئيس القوات إيلي براغيد». خلال لقاء الحريري - رياشي - براغيد، وضعت القوات اللبنانية العصي في الدواليب، مُطالبةً بحقيبة أساسية، على غرار الاتصالات أو الطاقة. مرّة جديدة، لجأ الحريري إلى خيار إعطاء «القوات» من حصة «التيار» والعهد، فاقترح أن يكون المخرج بنيل معراب حقيبة الاقتصاد. لا مشكلة لدى القوات اللبنانية بنيل الاقتصاد، شرط أن تكون مُضافة إلى حقائب العمل والشؤون الاجتماعية والثقافة ومنصب نائب رئيس الحكومة. إلا أنّ هذا الطرح «من المستحيل» أن يمرّ لدى التيار الوطني الحرّ، فيقول أحد نوابه إنّه «إذا كانت حقيبة الاقتصاد ستحلّ العقدة فلا مانع، ولكن من غير الممكن أن تكون حقيبة رابعة». وبناءً عليه، تقول مصادر مُطلعة على مفاوضات التأليف إن «طرح حقيبة الاقتصاد لن يمرّ».
لجأ الحريري إلى خيار إعطاء «القوات» من حصة العهد، فاقترح أن تنال الاقتصاد


من جهة حركة أمل، كان رئيس مجلس النواب نبيه برّي مُصراً على أن يعرف ما هي الحقائب التي سينالها ثنائي «الحركة» - حزب الله، قبل أن يرفعها الحريري إلى رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي حصل عليه. ومن ناحية أخرى، من المؤكد أنّ حقيبة الأشغال لن تُمَس، وستبقى مع تيار المردة. أما التقدمي الاشتراكي، فقد ثبّت حصّته الوزارية، بنيل الأخير حقيبتي الصناعة والتربية والتأكيد على مشاركته في الحكومة، حتى ولو اختار عون الوزير «الدرزي» الثالث من اللائحة التي قدّمها النائب طلال ارسلان، وبمعزلٍ عن موقف القوات اللبنانية. أمام هذا الواقع، لا يبقى أمام قيادة معراب من خيار سوى القبول بالحقيبة الثالثة وهي العمل، طالما أنّ سمير جعجع حسم أمر البقاء في السلطة وعدم الانتقال إلى صفوف المعارضة، وبخاصة في حال صدق ما يُنقل عن الحريري بأنّه مُصمّم على تقديم مسودته يوم الأحد إلى عون، «بمن حضر». والعبارة الأخيرة لا تعني تغييب القوات، بقدر ما تعني إلزامها بحصة يراها رئيسا الجمهورية والحكومة «منطقية». وكان لافتاً أمس دخول القائم بالأعمال السعودي، وليد البخاري، على خط التأليف، لجهة وضعه مواصفات الحكومة المقبلة، عبر القول «نتمنى للبنان الوصول إلى تشكيل الحكومة بشكل وازن». وربط البخاري - الذي جال مع السفير الإماراتي حمد الشامسي في منطقة الشوف - تأليفَ الحكومة بما قال أنها «مشاريع» ستنفذها بلاده في لبنان.

عقوبات جديدة
على صعيد آخر، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانوناً جديداً أقرّه الكونغرس، فرض عقوبات جديدة على حزب الله، «يهدف إلى منع التمويل عنه»، بحسب الزعم الأميركي. وقال ترامب في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ35 لتفجير مقر قوات المارينز في بيروت، إنّه وقّع «قانوناً أقرّه الكونغرس ويفرض عقوبات إضافية على حزب الله». وصدر عن البيت الأبيض بيانٌ يذكر أنّ القانون «يعزل حزب الله بشكل أوسع عن النظام المالي الدولي ويحدّ من تمويله». وتنصّ العقوبات تحديداً على تجميد الأصول، وإلغاء تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، وحظر الدخول إلى أراضيها. وجاء في البيان أنّ العقوبات موجهة ضدّ «أشخاص أجانب وجهات حكومية تُسهّل وتدعم عن وعي حزب الله والشبكات المرتبطة به».
يأتي هذا القانون قبل أيام من فرض عقوبات أميركية جديدة ضدّ إيران، وبعد أن كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت في 16 أيار الماضي عن عقوبات على مسؤولين في حزب الله، من بينهم الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم.