«شِبْهُ التسليم» الإسرائيلي بتعذّر المواجهة العسكرية مع حزب الله، يدفع تل أبيب إلى اللجوء لخيارات بديلة، يتأكد لها أيضاً، تعذّرها. إلا أن ذلك لن يؤدي إلى انكفاء إسرائيل، حتى وإن جاءت خياراتها متكررة.في ذلك، لا يمكن إسرائيل إيقاف جاهزيتها العسكرية، والكفّ عن الاستعداد لكل سيناريوهات المواجهات المتطرفة، وصولاً إلى الحرب نفسها. وفي ذلك أيضاً، لا تنكفئ إسرائيل عن استخدام الخيارات غير العسكرية، ومن بينها استغلال الخصومات والتشظي الداخلي اللبناني ضد حزب الله، بما يشمل التحريض على الحزب، داخلياً وخارجياً.
«اللاانكفاء» و«اللاتسليم» الإسرائيليان، نتيجة طبيعية لتعاظم تهديد حزب الله وتقدمه على غيره من التهديدات للأمن الإسرائيلي ولقدرة تل أبيب التي كادت تكون مطلقة في فرض إرادتها السياسية وأطماعها، لولا هذا التهديد.
في المقاربات الإسرائيلية الإعلامية تجاه الخارج والرأي العام الدولي، تشديد على تصوير إسرائيل بالكيان الوديع الذي يسعى للدفاع عن نفسه أمام أعدائه، وفي مقدمتهم حزب الله. مقاربة تشدد على دور الضحية الإسرائيلية أمام تهديد صواريخ الحزب الموجهة إلى مدنيي إسرائيل بهدف قتل مدنيين لا أكثر، مع التشديد الموازي على دور الجميع، في العالم، في العمل على حماية إسرائيل.
في ذلك، تعد مقابلة صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، الناطقة بالإنكليزية، مع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام الأجنبي، جوناثان كونريكوس، خير مصداق لهذا التوجه، في تحريف صورة حزب الله وتشويهها وتحريف أهداف قدرته العسكرية المخصصة للدفاع في وجه اعتداءات إسرائيل.
إعادة نشر ما أمكن من المقابلة، فرصة أمام اللبنانيين تحديداً، لمعاينة أوجه المقاربة الإسرائيلية وتحريفاتها، والأساليب المتبعة في التحريض الخارجي، وكيف للذئب أن يؤدي دور الضحية، بلا خجل.
يشير كونريكوس إلى «وجود تقصير في قول ما لم يقل كفاية حول قرار مجلس الأمن 1701 الذي ينص بوضوح على أن جنوب لبنان، من منطقة نهر الليطاني إلى الخط الأزرق، على الحدود مع إسرائيل، يجب أن تكون خالية من سلاح حزب الله. أما ما يُسمح به، فهو الجيش اللبناني واليونيفيل». ومن ثم يسأل: «هل هذا ما حصل؟ للأسف، لا. حزب الله مسلّح اليوم بما يقرب من 120 ألف صاروخ معظمها في هذه المنطقة. وهو ينتهك القرار الدولي ومدرجاته».
في حكمه على دور اليونيفيل وفاعليتها، يؤكد الضابط الإسرائيلي «أهمية ما تبذله القوة الدولية في جنوب لبنان»، لكنه يشدد في المقابل على أن «ذلك لا يكفي، إذ على اليونيفيل أن تفرض قرار مجلس الأمن، على خلاف ما نراه في الميدان. وهي نتيجة مؤسفة تضع المنطقة بأسرها في خطر».
إسرائيل: على اليونيفيل أن تفرض قرار مجلس الأمن، على خلاف ما نراه في الميدان


في المقلب الثاني من تشويه الحقائق، يركز الضابط على سلاح حزب الله بعيداً عن وظيفته الدفاعية، مشدداً على أنه «مخصص للإرهاب وضرب المدنيين»:
«نواجه تهديدات ومنظمات على حدودنا، منظمات تهدف فعلاً إلى قتل مدنيين إسرائيليين، إلحاق الضرر بهم، وما إلى ذلك. هناك جيوب لداعش في الشمال، وفي الجولان وفي سيناء، وهناك بالطبع حركة حماس في غزة. لكن أود التركيز على الشمال والقول إن حزب الله هو التهديد الأكثر أهمية، هو التهديد العسكري الأكبر الذي تواجهه إسرائيل، ومعظمه بسبب الترسانة الصاروخية التي بحوزته في لبنان، إن لجهة الكمّ، أو لجهة الفاعلية، المخصصة لقتل المدنيين».
ويختم بأن «حزب الله هو التحدي الأكبر، التحدّي العسكري الحالي الذي نواجهه، وإلى جانبه الجهود الإيرانية للتعزيز العسكري وإنشاء قاعدة عمليات متقدمة في سوريا».