تحول الكم الهائل لصواريخ حزب الله إلى عبء ثقيل على المؤسستين السياسية والأمنية في تل أبيب. وفاقم من مفاعيل هذا التراكم في وعي صناع القرار أنه يأتي في موازاة تطور نوعي شهدته أيضاً قدرات الحزب الصاروخية، على مستوى المدى ودقة الإصابة وقدرة التدمير، وهو ما أقر به قادة العدو، في أكثر من مناسبة. ولم تخفِ إسرائيل أن تطور قدرات حزب الله الصاروخية والعسكرية، ساهم في تقييد مؤسسة القرار والحؤول دون ارتكابها مغامرات عسكرية واسعة خلال السنوات الماضية، كما لم تخفِ إدراكها لمحدودية فعالية أي خيار استباقي ـــ وقائي في مواجهة هذا الكم والنوع من القدرات التي أرست وعززت قدرة ردع حزب الله، بما أدى إلى توفير مظلة حماية للبنان، والمشاركة بشكل رئيسي في معادلة ردع إقليمية غير مسبوقة.في هذا الإطار، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن وزارة الأمن أعلنت عن شراء صواريخ دقيقة بملايين الشواقل، أكد عليها وزير الأمن أفيغدور ليبرمان بالقول إنها ستسمح بتغطية كل نقطة في الشرق الأوسط خلال عدة سنوات.
ومع أن أحداً لا يدعي أن حزب الله يملك القدرات التي تقترب من التفوق النوعي الذي يتمتع به جيش العدو، إلا أن المسار التصاعدي لتطور قدرات حزب الله الصاروخية والعسكرية، وتقديرات قادة العدو لمفاعيلها على العمق الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي، فرض على قادة العدو السعي لمحاولة إحداث نوع من التوازن في مقابل قوة النيران التي بات يتمتع بها حزب الله، خصوصاً بعدما حفرت هذه القدرات عميقاً في وعي الرأي العام الإسرائيلي ووجدانه، إضافة إلى مؤسسات القرار التي تدرك المفاعيل والتداعيات الاستراتيجية لتفعيل هذا المستوى من القدرات.
في هذا السياق، كان لافتاً أن أكثر من مؤسسة إعلامية إسرائيلية، هآرتس، يديعوت أحرونوت، وموقع واللا الإخباري...، أجمعت على أن خلفيات وأهداف بناء وتطوير منظومة الصواريخ في إسرائيل تندرج في خانة محاولة إيجاد ثقل موازن نسبياً لصواريخ حزب الله، والتخفيف من الحمل الملقى على عاتق سلاح الجو، وهو ما يشير إلى أن هذه المصادر الإعلامية المتنوعة استقت معطياتها وتقديراتها من الجهة المختصة ذات الصلة، وهو ما ينطوي على إقرار بأن سلاح الجو لم يعد قادراً على التعامل بنجاعة مع هذا الكم الهائل من الصواريخ. ولفت معلق الشؤون الأمنية في موقع يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، إلى أن «شراء الصواريخ من قبل إسرائيل يهدف إلى إيجاد بديل عن القدرة الهجومية الدقيقة لسلاح الجو، في ضوء أنه لن يكون قادراً على مهاجمة أهداف كثيرة في جبهات عدة، وأيضاً، في حال نجح أعداء إسرائيل في شل المطارات العسكرية في شكل جزئي أو كامل»، ويكشف ذلك، عن أن السائد في الوجدان الإسرائيلي العام، الإعلامي والسياسي والأمني والرأي العام، بأن حزب الله قادر على استهداف المطارات الحربية التي يفترض أنها «حصن» سلاح الجو.
تسيفي يحزكلي يعتبر أن خطاب نصر الله يذكرنا «بخطاب بيت العنكبوت»


تجدر الإشارة إلى أن وزارة الأمن بدأت بدراسة شراء الصواريخ قبل سنتين، وقبل أشهر من تسلم أفيغدور ليبرمان منصبه (وزارة الأمن)، وأن هذا المشروع قد يصل إلى نحو سبعة مليارات شيكل (أقل من 2 مليار دولار)، موزعة على عشر سنوات.
على مستوى التوقيت، لفت وجود تركيز إعلامي مكثَّف على شراء إسرائيل لهذه الصواريخ، بعد مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في خطابيه الأخيرين، والتي تناول فيهما جيش العدو. الأول، في ذكرى انتصار حرب 2006 عندما أعلن أن حزب الله أقوى من الجيش الإسرائيلي، والثاني، في الذكرى السنوية الأولى للتحرير الثاني (جرود السلسلة الشرقية)، عندما أعلن عن أن «روح التضحية» لدى جنود الجيش الإسرائيلي «بدأت تنعدم». وأن «حافزيتهم ضعيفة»... وأن أعداداً ضخمة جداً من جنودهم يلجأون إلى ضباط الصحة النفسية. وبدا واضحاً أن هذه المواقف أوجعت المسؤولين الإسرائيليين واستفزتهم، مما دفعهم إلى الرد على الأمين العام لحزب الله، ومن ضمن هؤلاء ليبرمان الذي رد على الخطاب الأول، بالقول إن «الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأقوى في الشرق الأوسط». ورداً على الخطاب الثاني، أعلن ليبرمان أن إسرائيل اشترت صواريخ تغطي كل نقطة في الشرق الأوسط.
وكشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، عن حجم مفاعيل مواقف السيد نصر الله، بما يفسر ردود فعلهم الفورية والمباشرة، بالقول إنه «لو لم يكن حسن نصر الله، في جانب «الأشرار» لقلنا أنه خطيب بارع، ورجل ذكي جداً، يقوم بتحليل مواطن ضعف الجيش الإسرائيلي ولم يخطئ تماماً». واعتبر محلل الشؤون العربية في القناة، تسيفي يحزكلي، أن هذا الخطاب (إنعدام روح التضحية عند الجنود الاسرائيليين) يذكرنا «بخطاب بيت العنكبوت».