مع إعلان الرئيس المكلَّف سعد الحريري، أمس، أنه سيزور الرئيس ميشال عون «عندما يكون لديه شيء ملموس»، تصبح كل المواعيد التي أعطاها البعض لولادة الحكومة بين «العيدين» (السيدة والأضحى)، عبارة عن محاولة لرمي الكرة في ملعب «الآخرين»، في ظل تبلور قناعة سياسية لدى مكونات كثيرة ومراجع رسمية بأن العقدة الأساسية خارجية، وتحديداً سعودية.وقالت مصادر رسمية مواكبة لمشاورات التأليف لـ«الأخبار» إن المرونة التي أبداها حزب القوات اللبنانية والقابلة لأن تتحول إلى خرق ما في جدار الأزمة الحكومية، «ستجعل من العقدة الجنبلاطية وحيدة، وهنا ينتظر أن يتدخل بقوة الصديق المستعان به، أي رئيس مجلس النواب نبيه بري، حتى يتولى بمونته السياسية الكبيرة على وليد جنبلاط حلحلة العقدة الدرزية، لكن حتى الآن لم نصل بعد إلى هذه المرحلة»، وتشير المصادر إلى استمرار تمسك رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بمعادلة رفض حصر التمثيل الدرزي بالحزب التقدمي الاشتراكي وحده، خصوصاً في ضوء نتائج الانتخابات النيابية، وفق القاعدة حيث أثبتت الأرقام المحققة أن المرشحين الدروز من خارج الحزب التقدمي الاشتراكي حازوا أربعين في المئة من أصوات المقترعين الدروز، وبالتالي لا يمكن منع تمثيلهم بوزير درزي، فضلاً عن أهمية العنصر الميثاقي الذي يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الحكومة (احتمال استقالة الوزراء الدروز الثلاثة إذا كانوا جنبلاطيين حصراً).
وتشير المصادر إلى أن القوات اللبنانية تريد حقيبتين خدماتيتين أساسيتين مثل الأشغال والصحة، حتى تتخلى عن الحقيبة السيادية، خصوصاً بعد أن أقفل العهد والتيار الحر أبواب التسوية، سواء حول مقعد نائب رئيس الحكومة أو الحقيبتين السياديتين (الدفاع والخارجية) اللتين يعتبرهما التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية «حقاً غير خاضع للمساومة أو المقايضة».
وتؤكد المصادر أن حزب الله لن يستدرج تحت أي ظرف من الظروف ومهما اشتدت الحملات وتصاعدت المواقف للقول نعم أو لا لإسناد هذه الحقيبة أو تلك إلى هذه الكتلة النيابية أو تلك، «لذلك، من الأفضل ألّا تجهد بعض القوى السياسية نفسها في هذا المجال، لأن الحزب ليس في وارد الرد على التسريبات أو التحليلات الموحى بها أو الشائعات عن نيات معينة، وهو الأكثر احتراماً للآلية الدستورية في عملية تأليف الحكومة وموقفه أبلغه إلى رئيس الجمهورية في استشارات التكليف وإلى الرئيس المكلف في مشاورات التأليف».
وفي انتظار أن يتحقق شيء ملموس يبرر زيارة الحريري لبعبدا، أشارت المصادر نفسها إلى أن الاتصالات لم تنقطع بين عون والحريري، «وهي دائمة ويومية، لكن هناك حرص على عدم إعلانها، لكونها تندرج في الإطار الطبيعي للتعاون من أجل تبادل الأفكار والمساعدة في عملية تأليف الحكومة، وعندما يكون هناك حاجة للاجتماع المباشر، فإن ذلك سيحصل فوراً».
الحريري: لا حكومة إذا رُبطت بعلاقات مع سوريا


من جهته، أكد الرئيس الحريري أن عدم تشكيل الحكومة حتى الآن «هو فشل لبناني بحت»، نافياً أن «يكون للعامل الإقليمي أي تأثير بمسار التشكيل». وأشار إلى أن اشتراط تضمين البيان الوزاري مطلب عودة العلاقات مع النظام السوري كشرط لتشكيل الحكومة، «يعني أنه عندها لا تتشكل الحكومة».
وقال الحريري في دردشة مع الصحافيين قبيل ترؤسه اجتماع كتلة المستقبل، أمس، في دارته في وادي أبو جميل: «نحن دولة لديها مشاكل اقتصادية، ومحاطة بأزمات إقليمية، ويجب علينا أن نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن، على أن تكون حكومة وفاق وطني جامعة، يشارك فيها الجميع بحسب اتفاقنا السياسي معهم. وإذا اعتقد أحد الأفرقاء أنه سيدخل إلى الحكومة بهدف التعطيل على فريق آخر، فيكون ذلك أكبر خطأ يرتكبه، وهذا يعيدنا إلى حكومات سابقة شكلت على أساس أنها حكومات وحدة وطنية، ولكنها بالفعل لم تكن كذلك».
وأوضح أنه «لا شك في أن بعض الأطراف لا يزالون متمسكين بشروطهم، لكننا اليوم نشهد تنازلات طفيفة من كل الأطراف، وربما ما زلنا بحاجة إلى القليل من الوقت للتوصل إلى صيغة نهائية. هناك بعض التقدم في موضوع الحقائب والأعداد، والأمر بحاجة إلى القليل من الوقت».
وعن مطالب القوات اللبنانية في الحكومة، قال الحريري: «حزب القوات صريح في مطالبه، هو يريد إما منصب نائب رئيس الحكومة، وإما حقيبة سيادية، وقد رفض الحزب عرض أربع وزارات أساسية. وموضوع الحقيبة السيادية يحتاج إلى بعض الوقت الإضافي، والجميع يعمل على حلحلة العقد، لكن المشكلة تبقى في أنّ كل فريق وضع كل مطالبه في الإعلام ولا يقبل التراجع»، مؤكداً أن العلاقة مع السعودية «مميزة وممتازة، وهي حريصة على أن نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن».
(الأخبار)