لم يكن الشاب الذي زار وادي خالد مع والده للمرة الأولى في السبعينيات، يحلم بأن يصبح نائباً في البرلمان اللبناني. هو محمد سليمان المعروف بأبي عبد الله. دخل النائب المنتخب، أمس، إلى البرلمان اللبناني وهو يرتدي عقالاً وكوفية وعباءة، في محاولة منه لتكريس تمثيله للعشائر العربية، ما جعله محطّ أنظار الكثيرين. ظن أمن المجلس أنه أحد السفراء العرب. اعترضوا طريقه، قبل أن يوضّح لهم هويته، ما أثار ضحك زملائه في المجلس.محمد سليمان من عرب الخراشين في سوريا. نشطت تجارته التي ورثها عن والده يوم كان يُعرف وادي خالد بمنجم الذهب، وتحولت الأنظار إلى السوق الحرة الذي نشأ بين العامين 1975 و1978، حيث فُتح أكثر من 800 محل تجاري على امتداد الطريق في البقيعة، اعتمدت بشكل أساسي على التهريب.
شكّل عام 1994 عاماً مفصلياً في حياة أبي عبد الله، حيث تمكن من الحصول على الجنسية اللبنانية أسوة بأبناء الوادي والتحق بعشيرة الغنام، بسبب نسب القرابة من جهة الوالدة.
استفاد أبو عبد الله من تجارة والده الحدودية وطورها، فأنشأ شركة «الأمانة العربية» في منطقة خط البترول، وأسس فرعاً لها في سوريا بالشراكة مع خاله أحمد إسماعيل المعروف بـ«أبو شادي».
حامت الكثير من الشبهات حول العمل الفعلي للشركة، ما أدى الى إغلاقها في لبنان والإبقاء عليها في سوريا. لكن مع عودة الهدوء إلى منطقة وادي خالد وفرض القوى الأمنية اللبنانية سيطرتها، إضافة إلى ضبط حرس الحدود السوري للحدود، شرع أبو عبد الله بتجارته، فأسس عدة شركات في عكار وطرابلس والبقاع بعد حصوله على وكالة شركة GVC.
اختلف أبو عبد الله مع شريكه سليمان الفهد (أوقف أخيراً في مصر بتهمة تجارة المخدرات) وافترقا خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، فما كان من الفهد إلا أن تحالف مع رجل الأعمال محمد يحيى بوجه أبي عبد الله وخاله النائب السابق جمال إسماعيل. وبالفعل تمكّنا من تحقيق الفوز بسبع بلديات من أصل ثمانٍ، فيما تمكن أبو عبد الله من الفوز ببلدية الهيشة فقط. كذلك فشل الأخير في إيصال أحد المقربين منه إلى رئاسة الاتحاد، حيث انتخب الدكتور فادي الأسعد (تيار مستقبل) رئيساً للاتحاد، وهو على قطيعة مع أبي عبد الله، وأُعيد انتخاب أيمن اليوسف رئيساً للاتحاد، وهو من المقربين من النائب السابق محمد يحيى.
ترشح أبو عبد الله للمرة الأولى للانتخابات في عام 2009 بعد أن تلقى وعداً من الرئيس الحريري بإدخاله في اللائحة، فعمد إلى تصفية أعماله التجارية في سوريا، وما لبث أن بدّل الحريري موقفه، بعد وصول معلومات لرئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي آنذاك اللواء وسام الحسن تؤكد أن الأخير اجتمع مع الضابط السوري محمد خلوف.
قامت الدنيا ولم تقعد، إطلاق نار وقطع طرق في العبدة ـ عكار وفي طرابلس احتجاجاً على قرار الحريري، رفض سليمان الانسحاب واستمر بترشّحه، فكانت الخسارة مدوية. لكن بعد تسع سنوات، أعيد الاعتبار لسليمان، بانضمامه إلى كتلة المستقبل وفوزه عن أحد المقاعد السنية في دائرة عكار.