مهرداد فرهمند، المراسل الإقليمي لشبكة «بي بي سي فارسي» في الشرق الأوسط، المتنقّل عبر دول المنطقة والمقيم في بيروت منذ نحو 12 سنة، ينشر بكل بساطة مقطعاً مصوراً بطريقة «السيلفي» يجمعه مع الناطق باسم جيش العدو الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أمس، داعياً فيه الإيرانيين إلى «القدوم إلى إسرائيل (فلسطين)». أفيخاي بتعرف أي كلمة باللغة الفارسية
لا، علّمني
مثلاً انت شو بدك تقول للإيرانيين
إن إسرائيل والجيش الإسرائيلي لا يقرؤهم (يكرههم) وكمان إن المشكلة ليست مع الإيرانيين بل مع فيلق القدس على سبيل المثال الي بيكره إسرائيل وبيعتدي عليها وبيخطط للاعتداء عليها...
تعالوا إلى إسرائيل
قول بيا به إسرائيل».

(نسخة محفوظة من الفيديو لأن فرهمند حذفه بعد ساعات من نشر «الأخبار» للتقرير)


فرهمند (الإيراني الأصل) يحمل الجنسية البريطانية، وهو يعرف نفسه على صفحته في «فايسبوك» على أنه يعمل لدى ‏‎BBC‎‏، ويقيم في ‏بيروت‏، كما نشر صوراً تظهره متابعته الانتخابات اللبنانية في أكثر من منطقة، وكذلك تصويره لشخصيات، أو مع شخصيات، لبنانية سياسية وإعلامية.
وبمراجعة مصادر أمنية، صدر قرار من «الأمن العام»، مساء أمس، بطرد فرهمند من لبنان ومنعه من العودة إلى الأراضي اللبنانية جراء دخوله إلى فلسطين المحتلة والتقاطه الفيديو مع أدرعي، وقد عُمّم هذا القرار على المنافذ الحدودية كافة والمطار، وهو بذلك «شخص مطرود وغير مرحّب فيه». ويقول أحد عارفيه إن مهرداد لم يجدد جواز سفره الإيراني منذ أكثر من عشر سنوات، علماً أن أي إيراني في الخارج لا يمكنه تجديد جوازه في السفارات إذا مرت 5 سنوات على انتهاء صلاحيته، وهي الحالة التي حدثت مع فرهمند.

والأخير سُئل في التعليقات حول كيفية دخوله فلسطين بعدما عرض له معلقون جملة على الجوازات الإيرانية مكتوب عليها «حامل هذا الجواز لا يسمح له بالسفر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة»، فأجاب بأن الإسرائيليين رأوا هذه الجملة وسمحوا له بالدخول، مدعياً أنه دخل بجوازه الإيراني.
وفق التعريف المنشور عن مراسل «بي سي سي»، فهو من مواليد همدان في إيران عام 1972 (46 سنة)، وقد عمل في صحف محلية إيرانية عدة، قبل أن ينضم إلى «بي بي سي» عام 2002. كما أنه يتقن لغات عدة منها التركية والكردية والعربية والإنكليزية.
تقول المصادر إنه تعلّم التركية عندما خرج بعمر الثامنة عشرة إلى تركيا للدراسة الجامعية، وكان يعرف الكردية والفارسية في إيران، ثم أكمل دراساته العليا في المملكة المتحدة، قبل أن يعمل في الدول العربية، إذ تظهر له استضافات من عواصم عدة، علماً أنه غادر إيران كلياً منذ نحو 18 سنة، وسبق أن عمل مراسلاً للتلفزيون الإيراني الرسمي.
ليس شرب القهوة والتصوير مع أدرعي هو ما تحدث عنه فرهمند فقط، بل أضاف من لديه عرضاً مختصراً لدور المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ومهماته وأيضاً نصائح له، وذلك في نص ملحق مع الفيديو قال فيه: «الرائد أفيخاي أدرعي، المتحدث باللغة العربية باسم الجيش الإسرائيلي، نشرت في السابق تسجيلات فيديو عدة له عبر صفحتي الخاصة في فايسبوك (فرهمند)، يهاجم فيها حماس مستدلاً بالآيات والروايات الدينية. ويحاول بها إقناع الفلسطينيين أن يذكروا الله خلال هذه الأيام بدل القيام بأعمال شغب وحرق الدواليب في الشوارع بعد صلاة الجمعة. أول من أمس احتسينا القهوة معاً وتحدثنا عن تسجيلاته المصورة تلك. قال أدرعي إنه يعلم أن العديد يسخرون منه بسبب هذه التسجيلات، لكنه يعلم أن تأثير هذه التسجيلات على 20 شخصاً فقط ستجعل من عمله إنجازاً كبيراً».
قدّم فرهمند عرضاً مختصراً لدور الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ومهماته


ويضيف: «بدوري، قلت له إن مضمون تسجيلاته مليء بالسفسطة وعليه ألا يتوقع منها أن تترك أثراً، وصحيح أن فتاوى علماء مذهب ابن حنبل (مرجع أساسي للسلفيين) تشير إلى وجوب عدم الخروج على الحاكم الظالم، فالإمام أحمد بن حنبل سُجن مكرراً في عهد ثلاثة خلفاء عباسيين وتم تعذيبه لكنه لم يدع على الخليفة، وعلى رغم إصرار اتباعه وتلاميذه، فإنه كان يؤكد لهم وجوب عدم الخروج على الحاكم الظالم. ولكن آراء الفقهاء كانت تخص الحاكم المسلم الظالم ولا تشمل الحكام من غير المسلمين. وكل هؤلاء الفقهاء لو كانوا في عصرنا الحالي، لأصدروا فتوى بالجهاد ضد إسرائيل.


بالطبع، هذا الحديث مع أفيخاي من دون جدوى، لكن المقابلة كانت جيدة، كما قمنا بهذا التسجيل. أفيخاي أدرعي يتكلم العرببة جيداً وأجداده من مدينة البصرة العراقية، ولكنه تعلم العربية بنفسه ولم يرثها عن أجداده».
بتتبع صفحة الصحافي الإيراني- البريطاني، على «فايسبوك» و«إنستغرام»، فإنه يبدأ رحلته إلى فلسطين المحتلة من الـ13 من الشهر الجاري كما تظهر الفيديوات المنشورة بالتشارك بين الموقعين. وتظهر غالبية المقاطع وجوده في مدينة القدس المحتلة، وتصويره اقتحام المستوطنين الكبير في اليوم نفسه (13 أيار) وبضع مسيرات أخرى، وكذلك الصلاة والإفطار داخل المسجد الأقصى. كما كان ينشر مقاطع عن قضايا أخرى منها مثلاً صورة في الخامس عشر من أيار يعرض فيها غرفة إسمنتية محصنة، قائلاً إنه بجانب كل موقف حافلات في «جنوب إسرائيل» توجد مثل هذه الغرفة للحماية من القذائف التي تُطلق من غزة.
كذلك، نشر مقطعاً لما سماه «#ديوار_ندبه»، أي «حائط المبكى»، من دون أي اعتبار للتسمية الفلسطينية العربية، وسط ردود وتفاعل إيراني كبير لديه، بين مستفسرين ومهاجمين وآخرين يستهزئون بالمقارنة بين السلوكيات اليهودية وتلك التي في إيران. وحتى كتابة التقرير، نشر أمس مقطعاً لعجوز إسرائيلي في القدس، بجانب ما سماه وهو يعزف على آلة نفخ معروفة في التراث اليهودي، زاعماً أن الموسيقى محظورة في بلاده.