بحسب الدراسات، يقرأ المقال العلمي في مجلة علمية محكّمة نحو 10 أشخاص فقط! ورغم أن البحوث العلمية تطرح حلولاً لتحديات المجتمع ومشاكله وحركته وخصائصه، لا يزال الباحثون يتوجهون إلى أهل الاختصاص دون غيرهم من الفئات الاجتماعية. من هنا، كيف يمكن تعزيز الرابط بين الباحثين العلميين والمجتمع؟ وما هي الأدوات التي يمكن استثمارها لتقريب المسافات بين الناس وأهل الاختصاص؟«البوابة الالكترونية حول الأثر الاجتماعي للبحث العلمي في العالم العربي» أو psisr.net هي أحد الحلول التي يطرحها «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت».
البوابة تضم معلومات عن البحوث العلمية في مجالات الصحة، البيئة، الاجتماع، الإعلام وغيرها من التخصصات، وباللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، إذ يمكن جميع الباحثين في الجامعات والمؤسسات البحثية إدخال وصف لمشاريعهم البحثية وتقييم أثرها الاجتماعي. وبذلك، يسهم جمع المعلومات في إنشاء أرشيف مفتوح لمسار البحث العلمي ونقل المعرفة والأنشطة البحثية للعموم من خلال تمكين أصحاب العلاقة وواضعي السياسات، والعاملين في المنظمات الدولية والمانحة والمجتمع المدني ووكالات التمويل من الاطلاع على البحوث والاستفادة منها.
قواعد البيانات في الدول العربية مكلفة ومحصورة بأهل الاختصاص


تشكّل البوابة، وفق مؤسس المشروع ومديره أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية، ساري حنفي، أداة ربط بين الباحثين وأصحاب العلاقة من صانعي قرار وإعلاميين وناشطين وغيرهم. وعن علاقة المجتمع الأكاديمي العربي في صنع القرار الاجتماعي والسياسي، يقول: «المعرفة في العالم العربي مُنتَجة وغير مُنتِجة، إذ لا تأخذ المعارف والدراسات البحثية طريقها إلى صانعي القرار الذين لا يكترثون لنواتج البحوث العلمية وآراء الباحثين وأعمالهم». يستذكر أزمة النفايات الأخيرة التي اهتمّ الكثير من الباحثين العلميّين ببلورة حلول تقنية وعلمية لها من دون أن تأخذ الحكومة اللبنانية بأي من هذه الحلول. ويلفت إلى أنّ المنصات أو البوابات المفتوحة تساعد على اطلاع الرأي العام على البحوث العلمية بشكل مجاني ومفتوح، موضحاً أنّ مشكلة ربط المعرفة والعلوم بالمجتمع ليست محلية بل تعاني منها معظم دول العالم المتطورة والنامية ديموقراطية كانت أو غير ديموقراطية. لكن، في الدول العربية، لا تتصل أسباب العلاقة الهشة بين منتجي المعارف والمجتمع، كما يقول حنفي، بعدم اهتمام النخب السياسية بالعلم فحسب، بل بالبنى التحتية للبحث العلمي التي لا توفّر مشاركة للأبحاث عبر منّصات مفتوحة. إذ لا تزال قواعد البيانات مكلفة ومحصورة بأهل الاختصاص فقط. من جهة أخرى، وعلى عكس دول كثيرة مثل الصين، بولندا، البرتغال وغيرها التي توفّر بنوك معلومات باللغة الأم، ما زالت الدول العربية تفتقر إلى بنوك ومنصات علمية باللغة العربية.