معطّرات بنكهة الفانيليا أو بالأحرى رجا الزهيري بنكهة الفانيليا
هناك، في المحطة، ينادونه «الشيخ». وهو، في العرف السائد، «رب العمل». نسأل أحدهم: هل ستنتخب الشيخ؟ يأتي الردّ بابتسامة «يا ريت، بس أنا سوري». الآخر «مصري». الثالث «بنغلادشي». الكل «منتشر» هنا. لا أصوات للشيخ. كل ما في الأمر أن ذلك يأتي في إطار الدعم للمرشّح. لا أكثر من ذلك ولا أقل. لبسوه على قمصانهم وقبعاتهم وستراتهم لأن «الإدارة طلبت منا ذلك»... دعماً له.
الشيخ في بيته. في الطبقة الأولى من المبنى. لم ينزل بعد. عندما ينتصف النهار، ينزل إلى حديقة بيته ليستقبل وأعضاء لائحة «الكرامة» مواطنين بيارتة، مستمعين إلى شكاواهم ومطالبهم، «من الساعة الرابعة عصراً إلى العاشرة ليلاً»، كما تقول اللافتة المعلّقة على باب الحديقة. هناك، تزدحم صور الزهيري، مع صورة يتيمة لكامل أعضاء اللائحة، خلف الكراسي المرصوفة جنباً إلى جنب. في مكانٍ ليس ببعيد، وُضعت «الصاج» لزوم الضيافة. «تعمل» الصاج طوال ساعات اللقاء لتقديم منقوشة بلدية ساخنة لمن يريد من الناخبين المفترضين في الدائرة الثانية لبيروت. يقول الموظف في الموقف المجاور إنها «لفتة» من الشيخ وليست من ضمن عدّة الشغل في فترة الانتخابات. يأتي الكثير إلى هنا «كرمال اللقمة». لكن مع ذلك، لم تتغيّر الحال على موظّف الموقف «يعني ما تغيّر الشغل، لأن معظم اللي بيجوا مش (كلاس)». هم أبناء المدينة الفقراء الذين وجدوا أمامهم من يفتح باباً ولو لسماع شكاواهم. لا أكثر من ذلك.
في السادس من أيار، تفتح الحديقة أبوابها منذ الصباح الباكر. سينطلق «الشيخ» من هناك ليزور أقلام الاقتراع، وفي الليل سيعود إليها، منتظراً النتيجة. في صباح اليوم التالي، بغضّ النظر عما ستكون عليه النتيجة، سيعود موظفو «الشيخ» إلى ثيابهم الزرقاء المعتادة. وحده المعطّر سيبقي وجه الزهيري معلقاً على المرايا، ريثما تنفد الكمّية... في انتظار موسم انتخابي جديد، في عام 2022.