قدرة اللائحة التي يدعمها التيار الوطني الحر في دائرة الشمال الأولى (عكار) على نيل حاصل أو حاصلين من جهة وكيفية توزيع الصوت التفضيلي من جهة ثانية، تؤديان إلى حالة من الضياع يعيشها محازبو التيار الحر، ربطاً بتضارب الحسابات الداخلية وبالمقارنة مع قوى أخرى أبرزها تيار المستقبل المتحكم في مسار تجيير أصواته التفضيلية.لم يعد ينفع تأجيل أو تجاهل أو ازدواجية الترشيحات داخل التيار الوطني الحر في عكار (دائرة الشمال الأولى). كلما اقترب موعد الانتخابات، صار الأمر أكثر إلحاحاً لا بل حرارةً.
في التفاصيل، ترددت معلومات عن أن رئيس التيار جبران باسيل أبلغ المرشحين جيمي جبور(عن المقعد الماروني) وأسعد درغام (عن المقعد الأرثوذكسي) أنه سيكون مضطراً إلى تجيير أصوات التيار التفضيلية لمرشح واحد منهما، بسبب مخاطر خسارتهما معاً اذا انقسمت الأصوات التفضيلية مناصفة بينهما. هذه التسريبات أثارت حفيظة المرشح جيمي جبور الذي يشعر أنه مستهدف بقرار كهذا، خصوصاً أن المقعد الماروني الذي يترشح عنه سبق أن خضع للتجاذب بين تيار المستقبل والتيار الحر، ذلك أن الرئيس سعد الحريري تمسّك بترشيح هادي حبيش عن المقعد الماروني منذ اليوم الأول لبدء التفاوض الانتخابي بينه وبين باسيل في عكار. ولم يرضخ باسيل للضغط الحريري، واستمر في المطالبة بمقعدين ماروني وأرثوذكسي إلى أن وقع «الطلاق» بينهما في هذه الدائرة، فذهب التيار الحر الى خيار لائحة بمفرده واستمر في ترشيح الحزبيين جبور ودرغام.
يميل باسيل الى تجيير أصوات التيار في عكار لمرشح واحد هو الأوفر حظاً


يعمل التيار الحر وفق استراتيجية انتخابية تقوم على الإحصاءات التي تجريها الماكينة الانتخابية الخاصة به. وعقب دراسة حول نسبة الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها في عكار، جرى تسريب معطيات مفادها أن قيادة التيار تميل الى تجيير أصوات التيار الى المرشح الأوفر حظاً، لأن الهدف هو الحصول على مقعد مضمون، فيما ستشكل الخسارة نتيجة كارثية بالنسبة إلى الجمهور البرتقالي في المحافظة التي يشكل فيها التيار الوطني الحر أكثرية في الشارع المسيحي.
وكان مسؤول ملف الانتخابات في التيار الحر نسيب حاتم قد أعلن في مقابلة تلفزيونية، قبل حوالى شهرين، أن القوة التجييرية للتيار في عكار تمكّنه من تأمين نجاح مرشح واحد، وبالتالي لا يمكن الاستمرار في ترشيح كلّ من جبور ودرغام، موضحاً أنه حتى لو قمنا بتجيير ما نملكه من أصوات لإيصال جبور، فإن تيار المستقبل الذي يعدّ الناخب الأول في عكار سيكون قادراً على تأمين أضعاف تلك الأصوات والحفاظ على مقعد حبيش الماروني، وبالتالي، سيكون تجيير الأصوات لأسعد درغام هو المنطقي لضمان الفوز بالمقعد النيابي الأرثوذكسي.
يقدم مدير «مركز بيروت للأبحاث والمعلومات» عبدو سعد مقاربة تؤكد صعوبة فوز التيار الحر بالمقعد الماروني في عكار بسبب القوة التجييرية لتيار المستقبل القادر على تجيير 10 آلاف صوت تفضيلي على الأقل لهادي حبيش، إضافة الى الأصوات التي سيؤمنها حبيش بنفسه. هذا الواقع ينعكس إيجاباً لمصلحة مرشح التيار الحر عن المقعد الأرثوذكسي لسببين؛ أولهما، أن مرشح التيار أسعد درغام هو الأول بين المرشحين الأرثوذكس على الاطلاق، وبفارق أصوات كبير جداً يجعله متقدماً عليهم، وثانيهما، وجود مقعد واحد للموارنة مقابل مقعدين أرثوذكسيين، الأمر الذي يجعل نجاح المرشح الأرثوذكسي مضموناً، في حين أن الفوز بالمقعد الماروني يحتاج الى جهود مضاعفة، وهذه مهمة صعبة للغاية.
ويقدّر عبدو سعد ربح لائحة «عكار القوية» التي يدعمها التيار بحاصلين انتخابيين سيكون أحدهما بالتأكيد لمرشح التيار عن المقعد الأرثوذكسي.
الجدير ذكره أن عدد الناخبين السنّة في دائرة عكار يبلغ 186541 ناخباً، مقابل 37541 أرثوذكسياً و3414 كاثوليكياً، و30617 مارونياً، ما يعني أن عدد المقترعين المسيحيين لن يتجاوز 33 ألفاً في أفضل الأحوال، مقابل ما يزيد على مئة ألف مقترع من الطائفة السنية.