عادةً ما يوضع البيان الختامي للقمّة العربيّة (أي قمّة) خلال الاجتماعات التحضيرية، إن كان على مستوى كبار الموظفين أو وزراء الخارجية العرب، التي تسبق لقاء القادة، فيما يكتفي هؤلاء بـ«التصديق» على البيان. في الدورة الحالية، طرأ ملفّان عجز اجتماع كِبار الموظفين عن إيجاد صيغة لهما. الأولى، قديمة ــ جديدة هي الموقف العربي من إيران، وما يُسميه حلفاء الولايات المتحدة الأميركية «تدخّل إيران في الشؤون العربيّة». والثانية، هي الحرب السورية والاعتداءات الأميركية ــ الإسرائيلية عليها، مع ارتفاع الحديث عن توجيه ضربة أميركية ــ فرنسية ــ بريطانية ضدّ سوريا. أُحيل هذان البندان على وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا ليل أمس بُغية محاولة التوصل إلى صيغة موحّدة.وفيما لم يرشح أي جديد عن الاجتماع، «الموقف اللبناني واضح، برفض الاعتداء على أي دولة عربية وشقيقة. هذا موقف حاسم، وسيُعبّر عنه الرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل»، استناداً إلى مصادر رسمية لبنانية. تُريد الدولة اللبنانية أدلة «تؤكد أنّ النظام السوري استعمل الأسلحة الكيميائية في دوما، فنحن ضدّ قتل المدنيين». ولكن، «لا يُمكن إدانة سوريا من دون وجود أدلة، لذلك الحلّ بفسح المجال أمام تحقيق تُجريه منظمة حظر الأسلحة الكيمائية في سوريا، ويُبنى على الشيء مقتضاه».
ماذا عن رئيس الحكومة سعد الحريري «النائي بنفسه» عن استخدام الأجواء اللبنانية قاعدةً لاستهداف سوريا؟ «رغم أنّ الموقف اللبناني لم يتبلور بعد، بين النأي بالنفس أو رفض الاعتداء، لأنّ الحريري لم يُقدّم جوابه النهائي، ولكن يُتوقع كالعادة أن يكون هناك موقفان». قبل أن تُسارع المصادر الرسمية إلى القول إنّ «رئيس الوفد اللبناني هو ميشال عون، الرافض لأي اعتداء على دولة عربية، خاصة إذا كان عبر اختراق الأجواء والمياه اللبنانية».
يوم الأحد، سيلتقي الرؤساء والقادة العرب، ولن تؤثر «الحفاوة» السعودية في الموقف اللبناني الرسمي من حزب الله وإيران. «فنحن حاسمون لجهة حماية المقاومة في حربها ضدّ إسرائيل والإرهاب التكفيري. قد تكون هناك في الداخل اللبناني، وجهات نظر مُتعدّدة تجاه حزب الله، ولكن لن نقبل بتصنيفه إرهابياً من قبل القمّة». أما عن التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، «فلا موقف بعد، هذا أمر يُقرّره الرئيس عون». على الرغم من ذلك، سيكون لبنان حريصاً على «ملاقاة السعودية في نصف الطريق، بعد أن مدّت يدها تجاهنا. فلا يُمكننا مقابلة موقفها المنفتح بالتعنت، وستكون مشاركتنا إيجابية». الإيجابية السعودية ستتجلّى في نهاية قمّة الظهران يوم الأحد، من خلال «العرض على لبنان استضافة قمّة عام 2019، وقد رحبّنا بذلك، بعد أن رفضت الإمارات للسنة الثانية على التوالي استضافة القمّة».
ليس من المتوقع أن تحمل القمّة أي تطورات سلبية أو إيجابية، «حتى الآن، تُفيد المعطيات بأنّها ستكون قمّة عادية، وإعادة التأكيد للمواقف التقليدية». لكن هناك تخوف من أن تُترجم التهديدات الأميركية ضدّ سوريا على أرض الواقع، «فتُغيّر التطورات الأمنية من صورة الوضع». علماً أنّ جهوداً حثيثة «تُبذل لمنع تفلّت الوضع عربياً قبل انعقاد قمّة الظهران». وتستبعد المصادر الرسمية أن يُقدّم عون مُبادرة عربية، على غرار الدورة الماضية، «لأنّ الأجواء غير مواتية».