ماكينة تيار المستقبل الانتخابية في حالة استنفار. لا بد من الوصول إلى كل مفتاح أو باب. بلغ الأمر حدّ استغلال النفوذ في بعض الشركات والمؤسسات التي يمون «التيار الأزرق» عليها، بغية الضغط على الموظفين فيها. وهو استغلال يتخذ شكلاً مقنّعاً لابتزاز الناس في أرزاقهم. أمس، تبلغ مئات الموظفين في شركة «سوليدير»، وعبر بريدهم الإلكتروني، تعميماً أبلغتهم فيه الشركة قرارها بتنظيم لقاء مع رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير، «وذلك للبحث في أهمية المشاركة في الانتخابات النيابية»، وتضمنت الدعوة إشعاراً إلى هؤلاء بأن الحضور «إلزامي». هذا التعميم الذي أصدرته «الشركة» كان محور أخذ وردّ بين من بدا متحمّساً له، معتبراً أن الشركة محسوبة سياسياً على آل الحريري ولا شيء يحول دون تنظيم لقاء سياسي من هذا النوع، من دون الحاجة إلى تعميم مضمونه، وأقلية في مجلس إدارة الشركة انبرت تدعو إلى التنبّه لأي قرار يمكن أن يؤثر سلباً على رصيد الشركة وسمعتها، أو يمكن أن يعتبره البعض «محاولة لتطويع إرادة الموظفين ــ الناخبين فيها».
السؤال المطروح هو لماذا تُستخدم «سوليدير» في معركة تيار المستقبل ضد خصومه في بيروت؟ وبأي صفة سياسية يشارك محمد شقير في عملية الترويج لتيار المستقبل؟
الاستخدام السياسي لسوليدير، ألا يعرّضها لخسائر تجارية؟


لا شكّ في أن ما أقدم عليه التيار، بإيعاز من ماكينته الانتخابية، «هو دعسة ناقصة»، برّرتها مصادره بأنه «يسعى الى جمع داتا الموظفين للاتصال بهم، أضف إلى ذلك رسم مشهد أوّلي لحصيلة الأرقام التي ستحصدها لوائح المستقبل في الانتخابات النيابية، وتحديداً في العاصمة».
وفق المعلومات التي توافرت لـ»الأخبار»، فإن القيادية في تيار المستقبل، ميشلين أبي سمرا، ومن موقع حماستها السياسية للتيار الأزرق، دافعت عن فكرة التعميم وإلزامية الحضور، لتستغل بذلك موقعها كسكرتيرة خاصة لرئيس مجلس الإدارة ناصر الشمّاع.
المعترضون اعتبروا التعميم بمثابة استدعاء وُجّه الى كل الموظفين، حتى أولئك الذين قيودهم خارج العاصمة، فيما يصل عدد الناخبين البيارتة الذين شملتهم الدعوة إلى حوالى 350 موظفاً. في ضوء ذلك، بات واضحاً أن التيار يستخدم «سوليدير» لأسباب سياسية وانتخابية، الأمر الذي يخشى معه التأثير على إرادة الموظف ــ الناخب ترغيباً أو ترهيباً، وذهابه الى عملية تصويت قد تبتعد عن مراده الحقيقي.
لا تخرُج هذه الخطوة عن سياق تجاوزات أخرى في بيروت الثانية، حاول بعض المرشحين إثارتها مع هيئة الإشراف على الانتخابات، وبينها نزع صور ولوحات لمرشحين ينتمون إلى لوائح معارضة واستبدالها بأخرى لمرشحي المستقبل، وتحديداً صور رئيس الحكومة ووزير الداخلية.
لا يوفر تيار المستقبل وسيلة أو سلاحاً في العاصمة إلا ويستخدمه في البازار الانتخابي المفتوح لمواجهة احتمالات خرق لائحته في العرين السياسي لرئيسه سعد الحريري. وبعد تكاثر الحديث عن عمل جهات أمنية لمصلحة تيار المستقبل، ومن ثمّ شركة سوليدير، يصّح السؤال لماذا يتمّ اختيار شقير للقيام بالدور الذي يفترض أن يقوم به كوادر في التيار؟ وهل سيتحدث شقير اليوم في اللقاء من منطلق قربه سياسياً الى خطّ التيار، أو سيتكّلم باسم اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة التي يترأسها؟ وهل سيكون موقفه الداعم للتيار مُلزماً للحاضرين وللاتحاد نفسه، الذي سيكون بخطوة رئيسه قد قرر أن يصبح طرفاً في المعركة الانتخابية الى جانب فريق معيّن، أم أن شقير نفسه يفعل ذلك بمبادرة شخصية ومن دون تنسيق مع الغرفة، في ضوء الوعود التي تلقّاها من رئيس الحكومة بتسليمه حقيبة وزارة الاقتصاد في الحكومة المقبلة، كما تردد بعض الأوساط المستقبلية؟
هل تحتكم شركة «سوليدير» عندما تلزم موظفيها بحضور اجتماع والتصويت للائحة إلى رأي الجمعية العمومية ومجلس إدارتها وأصحاب الأسهم؟ وهل يمكن أن يشكل ذلك نموذجاً ينسحب على غيره من الاستحقاقات؟ وألا يمكن أن يعرّض انحياز فاضح كهذا الشركة لمخاطر، أقله على سمعتها ورصيدها التجاري؟ وهل يؤدي اعتراض البعض إلى إعادة نظر في أصل اللقاء وإلزامية الحضور؟