يواصل العدو الإسرائيلي منذ يوم الأحد الفائت عملية تشييد الجدار الإسمنتي الفاصل عند كفركلا باتجاه العديسة، وذلك بتثبيت مكعبات إسمنتية يصل ارتفاعها إلى ثمانية أمتار، استكمالاً للجدار الذي كان قد شيده العدو في عام 2012 عند بوابة فاطمة باتجاه عبارة العديسة.حينذاك، قصد العدو حجب الرؤية والاحتكاك بين اللبنانيين في الجانب اللبناني المحرر، وبين جنوده في نقاط المراقبة المقابلة أو الدوريات الراجلة أو المؤللة على الطريق العسكرية المحاذية في الجانب الفلسطيني المحتل. الأنباء عن مخطط فصل كفركلا تسربت بعيد حادثة العديسة التي وقعت في آب عام 2010. حينذاك، قطع العدو شجرة واقعة في أرض متحفظ عليها لبنانياً، غير مكترث لتحذيرات الجيش اللبناني عبر اليونيفيل، ما دفع الجيش إلى الردّ واستهداف القوة المعادية، محققاً إصابات بين جنودها. العدو، ردّ بدوره بقصف استهدف موقع الجيش اللبناني عند بوابة عديسة الشرقية، موقعاً ثلاثة شهداء والزميل الشهيد عساف أبو رحال مراسل «الأخبار» في المنطقة الحدودية.
قضى مخطط جدار «ساعة الرمل» بتشييد جدار فاصل على طول الحدود الجنوبية، ولا سيما في المناطق التي تشهد احتكاكات، منها رأس الناقورة والعديسة وكفركلا. وتُعَدّ المنطقة الواقعة قبالة العديسة مطلة على مستوطنة المطلة حيث تتجاور حقول الجنوبيين مع السياج الشائك، فضلاً عن أنها مطلة بنحو استراتيجي على سهل الحولة. يسري الأمر نفسه على نقطة الناقورة التي تجعل الجانب اللبناني يطل من فوق على جزء كبير من ساحل شمال فلسطين المحتلة الشمالي، إلى حد يسهل معه رصد أرقام السيارات في المستوطنات.
المعطيات الميدانية المتوافرة في اليومين الماضيين تنذر باحتمال تكرار حادثة الشجرة. الأشغال لا تزال تسير بمحاذاة الطريق المستوية بين كفركلا والعديسة، في ظل رصد على مدار الساعة من جانب الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، ومن المتوقع أن تصل الورشة في الأيام المقبلة، إلى حدود عبّارة العديسة التي سبّبت بدورها توتراً بسبب رفض لبنان تصريف العدو لمياه الأمطار عبرها نحو الأراضي اللبنانية، ما يطرح التساؤل عن مصير العبارة، وهل سيشيد فوقها الجدار أم يجتازها؟
من المتوقع أن تصل الورشة في الأيام المقبلة، إلى حدود عبّارة العديسة التي سبّبت توتراً في السابق


التوتر المرتقب يبدأ عند حدود ما يسمى «بولفار» العديسة المرتفع، حيث تصبح الطريق العسكرية المحتلة منخفضة تحته. من هناك، تبدأ المنطقة المتحفظ عليها لبنانياً، ومنها الموقع الذي قطعت فيه الشجرة. مصدر أمني لبناني أشار إلى أن الجيش نقل للعدو عبر اليونيفيل تحذيرات شديدة من محاولة العدو المسّ بالمنطقة. وأكد المصدر أن العدو التزم عدم المسّ بالمساحة التي طاولتها الأشغال في اليومين الماضيين، في حين أن العدو ــ بحسب المرجع ــ أبلغ قيادة اليونيفيل بأنه «لا يسعى إلى خلق توترات، بل يريد إنجاز الأشغال بسرعة».
وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية قد أوردت في كانون الثاني 2013 أن إدارة «كيبوتس» مسكاف عام، أي التجمّع السكاني التعاوني في هذه المستوطنة الواقع قبالة العديسة، «تبلغت من وزارة الداخلية أن قسماً منها هي أراضٍ سيادية لبنانية ولا يحق استخدامها»، وذلك في معرض ردّ الوزارة على طلب تغيير وجهة استخدام عدد منها وتحويلها من أراضٍ زراعية إلى سكنية. واشترطت قبل البحث بالطلب «الانسحاب إلى حدود إسرائيل وتعديل الخط الأزرق».
الجدير ذكره أنه عام 1908، شُيّدت مستوطنة التخشيبة أو كفرجلعاد عند حدود العديسة قبالة النقطة التي يتمركز فيها الجنود الإندونيسيون في اليونيفيل حالياً. فيما شيد كيبوتس مسكاف عام 1945 فوق تلة تدعى الطيارة، حيث استُحدثت لاحقاً طريق عسكرية وقُضمت أراضٍ بين الثغرة (العديسة) وآبل القمح (القرى السبع)، وصولاً إلى الخلة وعربصاليم ودبش العوجة والمرج الفوقاني والمصيصة حتى اجتياح عام 1978. فهل سيوافق لبنان على تكريس احتلال خراج العديسة الذي اغتصب العدو 2500 دونم من أراضيه ومشاعاته منذ ما قبل عام 1948؟