في انتخابات عام 2005 وعام 2009، خاض تيار المستقبل الانتخابات في عكار، بلا منافسة جدية من خصومه، بسبب تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتوحد الشارع السني خلف قيادة المستقبل وزعيمه سعد الحريري، فنال 70 في المئة من أصوات الناخبين، أما اليوم، فإن العاتبين والمتمردين على التيار الأزرق، صاروا كثراً، والمثال الأول على ذلك تعدد اللوائح في عكار (ست لوائح)، ما يؤدي إلى تشتت أصوات المستقبل وإضعافها، خصوصاً أن غالبية المرشحين ضمن هذه اللوائح كانوا سابقاً محسوبين على التيار. لا يعني ذلك أن بيت قوى 8 آذار أفضل، خصوصاً أن هذا الفريق يخوض الانتخابات مشتتاً وبلا مرجعية واضحة. تراجع الوهج السياسي أو الاستثمار بالدم، ليس هو وحده سبب تراجع شعبية التيار الأزرق في الكثير من البلدات العكارية. أزمة التيار المالية الحادة والأداء الإنمائي المخيب للآمال، وصولاً إلى اعتراض قيادات ومسؤولين في تيار المستقبل على خيارات الحريري الانتخابية، وتحديداً في ما يخصّ المرشحين السنّة، كلها عناصر دفعت عدداً من حلفاء الأمس إلى الابتعاد والانكفاء.
لذلك، وجد الأمين العام لتيار المستقبل، أحمد الحريري، نفسه مجبراً على الانتقال إلى محافظة عكار، فأحاط نفسه بمرشحي لائحة «المستقبل لعكار»، وليد البعريني، محمد سليمان، طارق المرعبي، جان موسى، وهادي حبيش، وعضو المكتب السياسي في تيار المستقبل سامر حدارة، حيث من المفترض أن يزور مختلف المناطق العكارية خلال فترة أربعة أيام.
حصيلة اليوم الأول للحريري جاءت صادمة


حصيلة اليوم الأول التي بدأها الحريري من منطقة القيطع (ساحلاً وجرداً) جاءت صادمة بسبب كثرة المشاكل التي واجهته. إشكال وتضارب أمام منزل المختار محمد العمري في بلدة برقايل، ما استدعى تدخل فرع المعلومات، فأقدم على توقيف أبناء العمري قبل أن يعود الحريري ويزوره في منزله للاعتذار.
الصدمة الثانية في بلدة سفينة القيطع، حيث فوجئ الحريري خلال زيارته منزل رئيس البلدية محمود حمزة بصورة عملاقة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إضافة الى صور لأشرف ريفي ومحمد جديد.
كذلك اعتصم عدد من الأهالي في ساحة البلدة اعتراضاً على الزيارة، ورددوا شعارات منددة بالمستقبل ومؤيدة لحزب الله على وقع الأناشيد الحزبية، الأمر الذي أدى إلى امتعاض الحريري بشكل واضح ومغادرة البلدة على عجل.
ويؤكد المختار حسام طالب «أن اعتراضنا هو على سياسة تيار المستقبل الذي لم ننل منه سوى الوعود، لذلك إن قسماً كبيراً من أبناء البلدة سيصوتون للمعارضة».
الصدمة الثالثة في بلدة فنيدق، حيث وجهت مجموعة من النسوة الشتائم إلى الحريري، وذلك اعتراضاً على خياره ترشيح وليد البعريني بدلاً من الدكتور خالد زهرمان، وبالرغم من استقبال زهرمان للحريري، إلا أن هذا الأمر لم يبدد غضب العائلة. كذلك أثار وجود عضو المكتب السياسي سامر حدارة في الجولة امتعاض البعض، وذلك على خلفية إشكال أمني أدى العام الفائت إلى سقوط قتيل من آل البعريني.
يذكر أن وجيه البعريني حرص على تعميم بيان ردّ فيه على كلام سعد الحريري الأخير من عكار، وسأل البعريني رئيس الحكومة: «من يجلس مع حزب الله على طاولة واحدة ويتفاهم معه في السياسة وغير السياسة؟ نحن أم أنت؟ ومن الذي أرسل وسطاء لتسمح له سوريا بالمشاركة في عملية إعادة إعمارها؟ نحن أم أنت؟ من الذي غازل سوريا وإيران وحزب الله عندما غضبت عليه السعودية؟ نحن أم أنت؟ من الذي تذكّر عكار مرّة واحدة عندما أراد تحويلها إلى مكبّ نفايات؟ نحن أم أنت؟».