يتواصل الكباش الأميركي ــ الأوروبي حول الاتفاق النووي الإيراني، الذي يبدو أنه تجاوز معادلة التهديد بإسقاطه أميركياً، مقابل ممانعة أوروبية، تسعى لتثبيته. الواضح أن "الكباش" تحول الى ابتزاز أميركي وضع أوروبا أمام خيار من اثنين: إما مواجهة تبعات كارثية لإسقاط الاتفاق؛ وإما تصحيح نتائج كل الإخفاقات الأميركية في المنطقة وترميمها، بما يشمل سلّة مطالب قد تفوق قدرة الأوروبيين على تحقيقها.من أبرز الشروط الموضوعة أميركياً أمام الأوروبيين، تحت طائلة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية، من دون تفريق بين جناحيه السياسي والعسكري. شرط يعدّ من ناحية إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ضمن سلة شروط ما يسميه «القضايا غير النووية» مع الجانب الإيراني، ومن بينها تطوير القدرات الصاروخية والعمل على "تأبيد" مدة الاتفاق النووي، وصد نفوذ طهران المتنامي (على خلفية الإخفاقات الأميركية) في المنطقة، بدءاً من لبنان وسوريا، وصولاً الى باب المندب، في الجنوب اليمني.
صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، كشفت أمس عن اتصالات قائمة ومتواصلة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية الغربية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني: فرنسا وألمانيا وبريطانيا، تهدف الى فرض إملاءات أميركية على الأوروبيين، تحت مسمى "تصحيح عيوب" الاتفاق. مصدران مطلعان على المفاوضات بين الجانبين، أشارا في حديث خاص للصحيفة من برلين، الى أن «الحكومة الألمانية وضعت العصيّ في عجلات مفاوضات الملف النووي الإيراني مع الولايات المتحدة، عبر رفضها مطلب إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب، بلا تفريق بين جناحيه العسكري والسياسي».
السفير الأوروبي
في تل أبيب: لا تغيير في موقفنا تجاه
حزب الله


المصدران المطلعان على المفاوضات، أكدا للصحيفة أن إدارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "هي الأقل تعاوناً" مع الأميركيين من بين الدول الأوروبية الثلاث (إضافة الى فرنسا وبريطانيا). و«عندما سألنا مسؤولاً في وزارة الخارجية الأميركية عن الموقف الألماني، أعاد التشديد على طلب الرئيس ترامب ضرورة أن يقدم الأوروبيون على إدراج حزب الله بجناحيه، على لائحة الإرهاب»، ولفت الى أن واشنطن تعمل مع شركائها الأوروبيين على معالجة المخاوف المشتركة حيال الاتفاق النووي، وكذلك مواجهة «السلوك الإيراني الخبيث».
وفقاً للمصدرين المطلعين، رفضت برلين مطلب الوفد الأميركي المفاوض، وامتنعت عن «حظر حزب الله بجناحيه». أما الأسباب الموجبة للرفض، بحسب الموقف الألماني، فترتكز على أن «الموقف من حزب الله يتعلق بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وتتعامل ألمانيا بخصوص هذه المسألة انطلاقاً من أن إدارة ترامب، شديدة التأييد لإسرائيل».
لجهة موقفي فرنسا وبريطانيا، أكد أحد المصدرين المطلعين للصحيفة أن الدولتين منقادتان للمطلب الأميركي بضرورة معاقبة حزب الله، لكن الخلاف بين باريس ولندن حول ماهية الإجراءات العقابية التي يجب اتخاذها في مواجهته.
وإلى جانب حظر حزب الله في أوروبا، أكد المسؤول الأميركي أن الرئيس ترامب يريد من الأوروبيين «قطع تمويل الحرس الثوري الإيراني ووكلائه من الميليشيات، وكل شخص يدعم الإرهاب الإيراني»، ويطالب أيضاً «انضمام أوروبا الى أميركا في العمل على تقييد تطوير واختبار القدرة الصاروخية البالستية الإيرانية ومنع انتشارها وتصديرها، وتحديداً الى اليمن، كما على أوروبا المساعدة في مواجهة تهديدات إيران السيبرانية، وردع عدوان إيران وتهديدها للملاحة الدولية، والضغط على طهران لردعها عن انتهاك حقوق مواطنيها، بل ووقف كل تعامل اقتصادي معها يؤدي الى تمويل الحرس الثوري الإيراني وإثرائه».
في السياق نفسه، شدد سفير الاتحاد الأوروبي في إسرائيل، إيمانويل جيوفريه، في كلمة ألقاها في مركز بحثي إسرائيلي في القدس المحتلة، على أن لا تغيير في الموقف الأوروبي تجاه إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية، وأضاف «الاتحاد الأوروبي يدرس بشكل دائم الموقف من حزب الله، ويوجد مقترح لفرض عقوبات إضافية على شخصيات ومحافل لدى هذا التنظيم»، وبحسب جيوفريه «قرار كهذا يجب أن يتخذ بإجماع كل الدول الأعضاء (في الاتحاد الأوروبي)، إذ للقضية اعتبارات جيو سياسية، لا نريد أن تزعزع استقرار لبنان».