غاب وسام عن المسرح. تمكن أشرف من استغلال غربة قائده السياسي سعد الحريري. استمال جزءاً من جمهور تيار المُستقبل، ووجد في الانتخابات البلدية ضالته. كان بريد رسائل بين الشقيقين الأكبر بهاء والأصغر منه سعد. سرعان ما اهتزّ عالم ريفي. لم يُحسن الاستثمار بالظاهرة التي أرساها في معركة الانتخابات البلدية. فشلت بلديته في تقديم نموذج يُحتذى به، وبالغ في الرهان على بهاء وقدرة السعودية والإمارات على قلب المعطيات.
تحالفات كثيرة أمل ريفي نسجَها، قبلَ أن ينفضّ كثيرون من حوله
يعيدنا الرجل إلى مربع العسكري. لم يُجِد في السياسة، كما كان يجيد في العسكر. غلبَت عليه حماسة الضابط. الأوامر والوصفات بدلاً من الرؤية والرّوية. أعلن ذات يوم أن سعد الحريري انتهى سياسياً، ما انعكس سلباً عليه في الشارع، وأخذ المعركة باتجاه شخصيّ وثأريّ. منذ ذلك الحين، توالت السّقطات. تجلّى أبرزها في هجومه على فرع المعلومات، وهو الذي لطالما تباهى بحرفية هذه المجموعة ومهنيتها وبتأسيسه لها. منعته عنجهيّته من الاعتراف بخطأ مُرافقه عمر البحر. يدعو إلى تعزيز وضع المؤسسات الأمنية وحصر السلاح في يدها، ويُشهر في المقابل سلاحه السياسي في وجهها فقط من أجل أن يلعب دور الضحية ويشدّ العصب على قاعدة أنه يتعرّض لمؤامرة كونية.
منذ ستّة أشهر بالتحديد، كانت أجواؤه احتفالية إلى حدّ غير مسبوق. سُئل ريفي، وكان يستقبل زواراً في مكتبه عن سر سعادته المفرطة. أجاب أن «استطلاعات الرأي التي تُجريها بعض شركات الإحصاء تؤّكّد أنّ شعبيّته في الشارع السنّي تتفوق على سعد الحريري بأشواط». بل أكثر من ذلك. بشّر ريفي من يعنيهم الأمر بأنه على بعد خطوات من تحقيق نصرٍ سياسي كبير. سئل: ما هو؟ فأجاب: كتلة نيابية تضم بين 8 و12 نائباً في ربيع عام 2018.
لم يتوقّف تفاؤل ريفي عند هذا الحدّ. ففي 4 تشرين الثاني، ولحظة استقالة الرئيس الحريري من الرياض، توقع ريفي أمام عدد من الأشخاص الذين التقاهم بأن الاستقالة «ستشكّل رافعة سياسية له». غاص الرجل أكثر فأكثر بالتفاؤل، معتبراً أن «التعاطف الشعبي مع رئيس الحكومة هو عطفٌ مؤقَّت سرعان ما سيزول».
السعودية التي بنى ريفي آمالاً كبيرة عليها، لم تلتفِت إليه، لا بل أعدّت له مفاجأة مُزدوجة. الأولى، حين استثنته من دعوة شخصيات لبنانية إلى الرياض، والثانية، حين تجاهله موفدها إلى لبنان نزار العلولا، فسقط ريفي سهواً عن جدول أعمال الأخير. في تلك اللحظة، أيقن ريفي أنه مجرّد من عوامل ثلاثة أساسية لخوض المعركة الانتخابية: الدعم السياسي السعودي، المال السياسي وافتقاده لشركاء يحارب بهم ومعهم سعد الحريري.
يُشير مقربون من الرجل إلى أنه عرضة لضغط كبير في كل المناطق. لا بل يذهب هؤلاء إلى حد القول إن معركة سعد الحريري الحقيقية ليست مع حزب الله، بل مع أشرف ريفي تحديداً. يقولون إن الحريري ينظر إلى ريفي على أنه عدّوه الأول في الساحة السنية.
لعلّ ابن منطقة الحديد في طرابلس دفع ثمن معاندته للمثل القائل «على قد بساطك مدّ إجريك». وتصّرف وكأن الشارع السني لفظَ الحريري، ما دفعه في يوم من الأيام إلى القول بأنه «لم يعُد حالة طرابلسية»، وعمِل وكأنه الزعيم البديل لـ «الشيخ سعد».
قد تحمل الانتخابات النيابية المقبلة الكثير من المفاجآت، كما حملت الانتخابات البلدية. يمنّي «ريفيّون» النفسَ بهذه الجملة. لا يلغي ذلك حقيقة إدراكهم أن ظاهرة اللواء ريفي أو مسار صعوده التدريجي لا شكّ في أنهما آخذان في الانحسار.