كلما تشكلت نواة لائحة معارضة في دائرة الجنوب الثالثة، يرد ضمنها اسم مصطفى بدر الدين. الطبيب الجنوبي يخوض معركته الانتخابية عن أحد المقاعد الشيعية في قضاء النبطية، ليس في مواجهة حزب الله وحركة أمل كونه "أنا ضد سياسة رفض الآخر". إذاً بوجه من تخوضها؟ يجيب، "أن أكون في صفوف المعارضة، لا يعني أنني ضد لائحة السلطة".لطالما كان بدر الدين مثيراً للجدل في ترشيحاته وتحالفاته، سواء إلى الانتخابات النيابية في دورتي 1992 و1996، أو إلى الانتخابات البلدية بدوراتها المتعاقبة منذ عام 1998 الى عام 2010. محسوب على اليسار وحزب الله وحركة أمل والمستقلين والشيخ عبد الحسين صادق، وفي كل الأحوال هو رئيس لجمعية العمل البلدي التابعة للحزب.
قد تستفز تقلباته قوى المعارضة في تلك الدائرة، لكن الانتهازية الانتخابية وبالتالي حاجتها الى مرشح شيعي يحظى بشعبية، يجعلها تبرر لبدر الدين ما لا تبرره لغيره. ابن بيت جنوبي ارتبط اسمه بخدمة الناس. خاله النائب الراحل رفيق شاهين ووالده النائب السابق الراحل علي مصطفى بدر الدين (أحد أوائل الأطباء في منطقة النبطية) الذي تقدّم باستقالته من النيابة في عام 1953 احتجاجاً على إهمال أبناء الطائفة الشيعية ومنطقة الجنوب التي يمثّلها في البرلمان.
تلقى مصطفى علومه الابتدائية والثانوية في مدارس مدينة النبطية، ثم سافر الى فرنسا ليعود منها طبيباً متفوقاً وتتحول عيادته في عاصمة جبل عامل إلى مقصد لكل الفقراء والمحتاجين. رصيد الأب من جهة، وتجربة الابن في الحقل الطبي من جهة ثانية، جعلا الأخير يحظى بلقب طبيب الفقراء. أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على النبطية، في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته، كان مصطفى بدر الدين يجول الأحياء مسعفاً.
انتخب رئيساً للمجلس البلدي لمدينة النبطية في أول انتخابات بلدية جرت في عام 1998، بدعم من حزب الله. تتضارب الروايات بشأن ما حصل بعد ثلاث سنوات من ولايته. ينفي بدر الدين ما يقال عن تحوّله إلى عضو بلدي، بفعل المداورة الرئاسية، فيما يؤكد آخرون أن حجب الرئاسة عنه حوّلته إلى عضو مشاغب في المجلس البلدي، ما شجّع إمام مدينة النبطية الشيخ عبد الحسين صادق (والدة بدر الدين من آل صادق) على التفاوض معه ليترأس لائحة تخوض الانتخابات البلدية عام 2004 في مواجهة لائحة حزب الله وأمل، لكن وقبل الإعلان عنها من حسينية النبطية بساعات قليلة، اختفى بدر الدين ليطل لاحقاً بوصفه مرشحاً على لائحة حزب الله، ما أثار غضب صادق ومن كانوا ينتظرونه على رأس لائحة بلدية معارضة.
وخلال الانتخابات البلدية الأخيرة (2016)، حاول بدر الدين تأليف لائحة من المستقلين وقوى اليسار، وحين فشلت مساعيه عمد الى تشكيل لائحة في مواجهة لائحة المعارضة، قبل أن يفاجئ الجميع بعزوفه عن الترشح ودعم مستقلين في وجه لائحة المعارضة، ما تسبّب بشرذمة الأصوات لمصلحة لائحة الموالاة، فحمّلته قوى المعارضة وفي مقدمها الحزب الشيوعي مسؤولية عدم تأليف لائحة موحدة.
ترشح الى الانتخابات النيابية ممثلاً "الخيار الديموقراطي" عام 1992، ومنفرداً عام 1996، فنال في الدورتين ما يقارب 16500 صوت، وها هو يعلن اليوم ترشحه عن المقعد الشيعي في دائرة الجنوب الثالثة (مرجعيون ــ حاصبيا، بنت جبيل، النبطية) متحالفاً مع الحزب الشيوعي والناصريين وعدد من المستقلين. ما هو برنامجك؟ يجيب "أنا مواطن من المواطنين الشرفاء، مواطن عاش وضحى في سبيل أرضه وأهله».
سعي الجميع للتحالف معه "شرف" لا يدّعيه بدر الدين الذي يتمنى لو كان بمقدوره "جمع كل قوى المعارضة لعدم تضييع الفرصة من أجل تشكيل قوة تغييرية». الهدف يتطلب من وجهة نظره "تحمّل بعضنا البعض وتقديم التنازلات». على أن عدم اقتناص هذه الفرصة يعني "العوض بسلامتكم»، وحينها "لن يكون خيار سحب الترشيح مستبعداً». تردده الدائم في أي معركة وإعلانه العزوف بعد أن يشرذم حلفاءه صار موضة مذيّلة بتوقيعه.