في مقر المكتب الاعلامي لحركة "أمل" في شارع بربور (منزل الرئيس نبيه بري سابقاً)، لا يحتاج الوصول الى مكتب محمد خواجة الانتخابي "بالإعارة" إلى كثيرعناء. تسبقك الى المقر صور نبيه بري وأعلام "أمل" التي صارت عيون أهل الحي تألفها، إلى درجة أنهم قد يتظاهرون ضد أيّ محاولة لنزع ما يعتبرونه جزءاً من ذاكرتهم وذكرياتهم!
من المنزل الشاهد على محطات مهمة في تاريخ رئيس حركة أمل السياسي، وخصوصاً حقبة ثمانينيات القرن الماضي، انطلق خواجة (62 عاماً) قبل ستة أشهر بمهمة الإعداد للانتخابات النيابية، ليس بصفته مرشحاً بل مديراً للماكينة الانتخابية في بيروت، قبل أن يتلقى إشارات سرعان ما تحولت تأكيدات بأن رئيس الحركة وضع اسمه على خارطة المرشحين للانتخابات.
مرشح الحركة عن الدائرة الثانية في بيروت تربطه "صداقات مع نخب في العاصمة كما مع العديد من مفاتيحها العائلية والسياسية، هي نتاج صلات متراكمة على مدى سنوات طويلة"، يقول خواجة، وهو الذي يجاهر بأنه مستعد لشطب كل يوم لا يتسنّى له فيه أن يتجول في شارع الحمرا أو أحد شوارع بيروت.
من بلدة السلطانية الجنوبية نزحت أسرة خواجة، في النصف الثاني من القرن الماضي، الى شارع أراكس في برج حمود. كان هدف الأهل، كسيرة غيرهم من النازحين من البقاع والجنوب، محاولة تأمين فرصة عمل للوالد وعلم للأولاد. كان اليسار هو الإغراء في ذلك الزمن. زمن النهوض. محمد وإخوته وأقرانهم سحرهم العمل الفدائي الفلسطيني واستفزّهم الحرمان، قبل أن تنتقل العائلة الى زقاق البلاط في عام ١٩٧٥ إبان "حرب السنتين"، فكان النزوح الثاني، قبل أن يستقل كل فرد من أفراد العائلة في أحياء العاصمة والضاحية الجنوبية.
بلغ الاجتياح الإسرائيلي بيروت في عام 1982. قبل هذا التاريخ، كان خواجة معروفاً بمسؤوليته العسكرية في الحزب الشيوعي اللبناني، وهو من الضباط الذين دربوا مئات المقاتلين في إطار "التعبئة العامة" التي أعلنها الشيوعيون، استعداداً لمواجهة احتمال الحرب الإسرائيلية ضد لبنان وقتذاك. ومن دون سابق إنذار، قرر خواجة الالتحاق بحركة أمل في عام 1983، ويقول إن الإمام موسى الصدر كان له أثر كبير في تكوين شخصيته الجديدة، قبل أن يتقرب مع الوقت، خصوصاً مع نهاية الحرب الأهلية، من رئيس حركة أمل. هنا، يقول خواجة "كان لي شرف التقرب من "دولته"، وخصوصاً في السنوات الـ15 الأخيرة. نبيه بري شخصية جذابة تتميز بالنباهة والذكاء وصاحب رؤية بعيدة في السياسة، على أنّ أجمل ما في الرئيس بري هو تمسكه بالثوابت".
الشاب الذي ترك مقاعد الدراسة ليلتحق بالعسكر في زمن الحرب، انخرط في لعبة السياسة، وقرر أن يركز في قراءاته على معادلات الحرب مع العدو. تدريجياً، امتهن الكتابة، ومن ثم التخصص في مجال الاستراتيجية العسكرية، وقد ترافق ذلك مع تعيينه عضواً في المكتب السياسي للحركة، حيث عهد اليه "ملف العلاقة مع أهلنا في بيروت منذ سنوات عدة". "أبو يوسف" الذي يقيم في منطقة القنطاري، منذ سنوات طويلة، نجح في إدارة ملف العلاقة مع العائلات البيروتية، ولا سيما في مرحلة ما بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وهو المدرك أهمية وحساسية الملف السنّي ــ الشيعي في حسابات رئيس المجلس الذي يسعى إلى التقرب من الشارع البيروتي وبالتالي، استبدال الصورة النمطية الراسخة في أذهان البعض جراء الحروب الأهلية التي شهدتها بيروت.
"النيابة ليست ورقة يانصيب بل عمل دؤوب وتواصل مع الناس، وتشريع قبل أي شيء آخر"، يقول خواجة، الذي سيخوض المعركة برفقة زميله أمين شري عن المقعدين الشيعيين في العاصمة. معركة تبدو شبه محسومة النتائج، رغم حرص الطرفين على التخفيف من وقع ذلك لتحفيز الناس على المشاركة.