نطق وزير العدل سليم جريصاتي، أمس، بما يَسمح لأيّ قانوني أن «يؤستذ» عليه. أصدر بياناً جاء فيه، تعليقاً على دعوى المواطن (الأسير المُحرّر) نبيه عواضة ضدّ الوزير السعودي ثامر السبهان، أنّ «الملف في عهدة قاضي التحقيق الأول في بيروت غسّان عويدات والهيئة الاتهاميّة استئنافاً اللذين قرّرا منع المحاكمة عن الوزير السبهان». فاته أنّ الملف لم يعد في عهدة قاضي التحقيق منذ ثلاثة أسابيع، وأنّه أيضاً لم يعد في عهدة الهيئة الاتهاميّة منذ أكثر مِن أسبوع، وأنّه الآن، بعد طعن عواضة بواسطة وكيله المحامي حسن بزّي، قيد المتابعة لدى محكمة التمييز.
كيف لا يعلم وزير العدل، في مسألة قرّر أن يُصدر حولها بياناً، هذه التفاصيل التي، فضلاً عن كونها لدى القضاء، هي متداولة في الإعلام على مدى الأسابيع الماضية! هذا ما سمح للمحامي بزّي بأنّ يُعلّق: «يعني معاليك يا ريت ما ردّيت». يغمز المحامي مِن خبرة الوزير قائلاً: «الرجاء تكليف مستشاريك بالردّ القانوني المناسب، بدلاً مِن بيان بعيد كلّ البعد عن الواقع والقانون».

قرار منع المحاكمة يستلزم تحريك
«الحق العام»، وهذا الأمر لم يحصل


أكثر مِن ذلك، ذكر الوزير جريصاتي في بيانه أنّ قاضي التحقيق والهيئة الاتهاميّة «قرّرا منع المحاكمة» عن السبهان، وهذا غير دقيق، إذ إنّ ما قرّره قاضي التحقيق هو عدم السير بالدعوى، عبر «حفظ الأوراق» كإجراء قانوني، جرى ربطه، بعد اطلاع النيابة العامة، بعدم الصلاحيّة وانتفاء الصفة إضافة إلى «مصلحة الدولة العليا». أمّا الهيئة الاتهاميّة فصدّقت قرار قاضي التحقيق، لناحية عدم الصفة، ولكن كلّ هذا لا يُعدّ «منع محاكمة». هذا شيء وذاك شيء آخر. لذا أورد بزّي بوكالته عن المدّعي عواضة، في بيان تعليقه، أنّ «قرار منع المحاكمة يستلزم بالضرورة تحريك دعوى الحق العام، وهذا الأمر لم يحصل». هذا في القانون. كان يُمكن لجريصاتي أن يكتفي بما جاء في مطلع بيانه، حيث قال: «اطلع وزير العدل على الاستدعاء الذي قدّم إليه وطلب حفظه، ولم يتخذ أيّ تدابير في شأنه». بالمناسبة، جريصاتي، وزير العدل الحالي، هو عضو سابق في المجلس الدستوري، إضافة إلى كونه امتهن المحاماة منذ سبعينيات القرن الماضي. قد يُقال إنّها كلمة عابرة مِنه، لا تستأهل الوقوف عندها، وهذا صحيح لولا أنّها صادرة باسم القانون ولولا أنّ محامي المدّعي قرّر أن «يلحق الوزير على الكلمة». هذا ما جلبه جريصاتي لنفسه. يأتي هذا في لحظة كثر فيها الحديث عن «تشويشات» على العمل القضائي في لبنان، خاصّة في الآونة الأخيرة، بعد عدد مِن «الفضائح» المثارة على الهواء مباشرة، الأمر الذي دفع مجلس القضاء الأعلى إلى إصدار بيان، قبل يومين، حثّ فيه على احترام «هيبة أركان السُلطة القضائيّة».