تراجع اتحاد النقل البرّي عن تنفيذ سلسلة من التجمعات الاحتجاجية كانت مقررة في مختلف المناطق اللبنانية اليوم. رئيس الاتحاد، بسام طليس، أعلن عقب اجتماعه بوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مساء أول من أمس، تأجيل الإضراب «الى ما بعد لقائنا مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ يوم الجمعة»، وبعدها «نأخذ القرار: إما تعليق الإضرابات، أو السير بها من جديد».
وفي اتصال مع «الأخبار»، قال طليس إن إرجاء الإضراب جاء بعد «تمنيات» وزير الأشغال يوسف فنيانوس و«وعوده بتنفيذ المطالب». ولفت الى أن الاجتماع مع المشنوق كان «مُثمراً» لناحية المباشرة بتنفيذ المطالب المتعلقة بوزارة الداخلية، كالسيارات المزورة واللوحات المكررة و​المعاينة الميكانيكية، مشدداً على «اننا في انتظار الحلول لموضوع خطة النقل في ​مجلس الوزراء​».
لكن مصادر مُقرّبة من الاتحاد قالت لـ«الأخبار» إنّ المشنوق أبلغ وفد الاتحاد بأنه في حال إصراره على الإضراب، فإنّ وزير الداخلية سيعمد الى تجميد إفادات السائقين التي تمنحها المكاتب التابعة للاتحاد الى السائقين وتخوّلهم مزاولة المهنة، «ما اضطر اتحاد النقل الى التراجع عن الإضراب»، وهو ما نفاه «تماماً» نائب رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري علي محيي الدين.
معلوم أن هذه الإفادات يفترض أنها تُمنح للسائقين مجاناً، «إلا أن المكاتب التابعة للاتحاد والتي تشعّبت في الفترة الأخيرة وتوزعت على الأحزاب تمنح هذه الإفادات لقاء رسوم واشتراكات دورية تعود الى جيوب أصحاب المكاتب»، على حدّ تعبير المصادر نفسها.

ما هي مطالب الاتحاد؟

تتألّف سلّة المطالب التي يحملها الاتحاد من ستة بنود:
ــــ إقرار خطّة النقل العام التي تبنتها وزارة الأشغال العامة والنقل. وبحسب طليس، من المُقرر أن يُحسم مصير هذه الخطة في اجتماع الغد.
ــــ تطبيق القانون القاضي بقمع التعديات على قطاع النقل العام البري عبر مكافحة اللوحات المزورة وسيارات النقل الخصوصي العاملة في القطاع وغيرها. وأكّد طليس أن المشنوق اتخذ إجراء قضى بالمباشرة بتنفيذ الرقابة وقمع التعديات.
ــــ إلغاء قرارات وزير الداخلية التي سمحت لبعض المؤسسات والأفراد الذين يمتلكون صهاريج وشاحنات تزن أكثر من 21 طناً القيام بتسيير نقليات (وخصوصا نقل المحروقات) وعمليات شحن من دون شراء لوحات عمومية وتسجيلها وفق ما ينص عليه القانون. وبحسب طليس، أيضاً، وعد المشنوق بإلغاء مفعول هذه القرارات.
ــــ التراجع عن قرار تجميد نقل المُلكية الذي ينصّ عليه قانون السير الجديد. وقد خلص اتفاق أمس الى السعي الى إيجاد استثناء يُجيز للمشنوق التراجع عن هذا القرار عبر إيجاد مخرج قانوني أو التقدم بمشروع قانون يقضي بذلك.
ــــ إلغاء صفقة المعاينة الميكانيكية وإعادة القطاع الى الدولة. وقد وعد الوزير بإطلاع الحكومة على هذا المطلب الى حين إصدار مجلس شورى الدولة استشارته القانونية في هذا الشأن. وبحسب طليس، فإن مطلب الاتحاد يقضي بإعادة القطاع الى الدولة التي تستطيع بعدها أن تُلزّم إدارته مجدداً.
ــــ تجميد مناقصة تغيير دفاتر السوق الجديدة، «حفاظاً على خصوصية السائقين والركاب معاً»، بحسب طليس الذي أشار الى أن هذا المطلب ليس منوطاً بوزارة الداخلية فقط.

أجندة سياسية؟

في هذا الوقت، ثمّة من يُشكّك بنيات الاتحاد ويضع تحركاته في إطار أجندة سياسية تصبّ في «الجهة التي تمون على الاتحاد»، أي حركة أمل. وفي هذا السياق، تلفت مصادر مطلعة على الملف الى البندين المتعلّقين بإلغاء مناقصة معاينة الميكانيك وتجميد مناقصة دفاتر السوق. إذ إن هاتين المناقصتين «كانتا جزءاً من المحاصصات، وتحريك الملف جاء بإيعاز من الجهة التي تمون على الاتحاد لضمان حصتها في هذا القطاع، بدليل أن الاتحاد لا يمانع تلزيم إدارة المعاينة بعد انتهاء عمل الشركة الحالية». وذكّرت المصادر بأن اتحاد النقل البري لم يشارك في الاحتجاجات عام 2013، تاريخ انتهاء عقد الـ BOT مع الشركة الملتزمة إدارة المعاينة، للمطالبة بعودة القطاع الى الدولة، و«لم يعلُ صوته في هذا الشأن إلا مؤخراً».
وتشير المصادر، من جهة أُخرى، إلى أن خطّة النقل التي يُطالب بها الاتحاد «لا تصبّ في مصلحة النقل العام بقدر ما هي إنفاق للأموال في حلول موضعية تصب في مصلحة السائقين أولاً، في وقت يحتاج فيه البلد الى خطة وطنية شاملة تتضمّن تسيير خطوط السكك الحديد وإعادة إحياء الترامواي وغيرها».
يردّ محيي الدين على ذلك بالقول إن الخطة «وطنية بامتياز»، داعياً منتقديها الى الاطلاع عليها كاملة، فيما يشدّد طليس على أن «الاتحاد لو أراد أن يُفكّر بأنانية لما ضمّن خطته مسألة تأهيل السكك الحديد». وعن الأجندات السياسية، لفت الى أن اتحاد النقل البري «يضمّ سائقين من مختلف الانتماءات السياسية، ولو كان يتبع لحركة أمل لما كان تجاوب مع مطلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القاضي بتأجيل الإضراب أثناء الخلاف بين الحركة والتيار الوطني الحر» أخيراً.