لا يوجد في لبنان نص قانوني يمنع تضارب المصالح. فبإمكان الوزير والنائب اللذين يشاركان في وضع الموازنة العامة للبلاد، أن يكونا من أصحاب المصارف التي تحصل على مليارات الدولارات سنوياً من المال العام. هذا الهاجس يبدو حاضراً بقوة في النقاشات الجارية بشأن قطاع النفط، بعد أن دخل لبنان نادي الدول المنقّبة عن الذهب الأسود والغاز.
ولتفادي تضارب المصالح هذا، بصورته الوقحة، أقرّت لجنة الأشغال والطاقة النيابية اقتراح قانون يمنع على كل مسؤول مُنتخب أو معيّن «الاستثمار مباشرة أو بصورة غير مباشرة، في الشركات المؤهلة مُسبقاً للاشتراك في دورات التراخيص والشركات صاحبة الحقوق البترولية والشركات الأم أو الشركات المرتبطة بها، كما يمنع عليهم تولّي منصب رئيس مجلس إدارة أو عضو في مجلس الإدارة أو مدير رئيسي». ويشمل هذا المنع كافة المسؤولين في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفي كافة إدارات الدولة والأجهزة العسكرية والامنية والرقابية، وأقاربهم من الدرجة الاولى.

بعض جمعيات
المجتمع المدني
لها حق الادّعاء الجزائي



الاقتراح الذي أعدّه النائب جوزف المعلوف، بالتعاون مع هيئة إدارة قطاع البترول ووزارة الطاقة، لم يتحوّل إلى قانون بعد. ولا يزال بحاجة إلى إقراره في لجنة الإدارة والعدل، قبل إحالته على الهيئة العامة لمجلس النواب التي ستحوّله إلى قانون نافذ.
الموضوع الرئيسي لهذا الاقتراح لا يتصل بمنع تضارب المصالح، بل بالشفافية. يقول عدد من أعضاء لجنة الأشغال والطاقة إن قطاع النفط هو من «أكثر القطاعات المقوننة نظراً إلى حساسيته، وإن هذا الاقتراح واحد من مشاريع قوانين واقتراحات عدّة يتمّ العمل عليها». وفي حال تحوّله إلى قانون، فإنه سيُطبَّق على «كل الأنشطة البترولية، سواء في البرّ أو البحر، وكل العاملين في القطاع، بشقيه العام والخاص». ويحدّد الاقتراح «الأشخاص الذين يُمكن مساءلتهم، وهم كل شخص يتولّى سلطة ما، أو كل موظف في إدارة رسمية أو أمنية وعسكرية، وكل أجير أو متعاقد مع الدولة، إضافة إلى الشركات صاحبة الحقوق البترولية». وينصّ على «ضرورة نشر المعلومات المتعلقة بالأنشطة البترولية أو الإفصاح عنها خلال شهرين من تاريخ إقرار هذا المشروع، باستثناء تلك المُصنّفة سرية».
اقتراح القانون يبدو متأخراً كثيراً، نظراً إلى أن لبنان سبق أن بدأ تنفيذ أعمال في القطاع، انطلاقاً من تأهيل الشركات، وصولاً إلى منح حقوق الاستكشاف والتنقيب والإنتاج. إلا أن أعضاءً في اللجنة أكدوا أنهم كانوا ينسّقون مع الوزارات المعنية ومع هيئة إدارة قطاع النفط، لكي تكون النصوص التي اعتُمِدت في الاجراءات والاتفاقيات التي عُقِدت حتى اللحظة، متوافقة مع ما هو وارد في مشروع القانون.
وبحسب المعلوف، فإن الهدف من الاقتراح هو «تقديم الآلية الكاملة لمراقبة القطاع بكل مراحله»، وقد تمّ التوصّل إليه «بالتعاون مع خبراء ومحامين، إضافة إلى الهيئة ووزارتي المال والعدل». يقول المعلوف «إننا حدّدنا من خلال هذا المشروع طبيعة المعلومات المطلوب الكشف عنها للتأكد من عدم وجود أي تزوير، لأن ذلك غير منصوص عليه بالكامل في المراسيم، خصوصاً أنه أتى على ذكر جميع مراحل العمل في هذا القطاع انطلاقاً من دورات التأهيل، مروراً بالاتفاقيات والاستكشاف والإنتاج، وصولاً إلى إزالة المنشآت».
من له الحق في الحصول على المعلومة، ومن هي مصادر هذه المعلومات؟ يشير المعلوف إلى أن «كل مواطن له الحق في الحصول عليها، لكننا وضعنا ضوابط حول الجهات التي تملك حق الادّعاء الجزائي في حال وجود أي خلل. وهذه الجهات هي بعض جمعيات المجتمع المدني، وليس كلها، وقد وضعنا لها شروطاً تمنحها هذا الحق؛ منها عدم ارتباطها بأي جهة، وأن يكون عمر العاملين فيها 25 وما فوق، ويعمل فيها على الأقل ثلاثة مجازين في هذا القطاع». غير أنه «لا يجوز بأي حال اتخاذ قرارات قضائية بوقف الأنشطة البترولية قبل صدور الحكم النهائي من الجهة القضائية، على أن تبقى أحكام اتفاقية الاستكشاف والإنتاج لجهة تكليف شركات مؤهلة باستكمال أنشطتها». وأضاف أن «المشروع يتيح نشر كل المعلومات، ما عدا تلك المصنفة في خانة السرية، كالمعلومات الجيوفيزيائية، نظراً لوجود تنافس بين الشركات، ولأن الإفصاح عنها يُمكن أن يؤثر في ما بعد على الدولة في حال كانت تريد إجراء مناقصات». ولفت إلى أن «هذه المعلومات مفصولة عن العقد التجاري والتقني الذي سوف ينشر على موقع الهيئة كما نصّت المراسيم التي سبق أن أصدرها مجلس الوزراء». أما مصادر المعلومات فهي «كل الوزارات المعنية والشركات البترولية التي وقّعت العقد، كذلك مجلس الوزراء، حيث سيتم مقاطعة المعلومات في ما بينها».