يضع وزير الاتصالات جمال الجراح، ثقله في مواجهة الدعاوى المقدمة ضدّ الترخيص لشركتي «جي دي اس» و«وايفز» بتمديد الألياف الضوئية وباستعمالها مقابل نسب مئوية مختلفة من الإيرادات (80 في المئة للشركة و20 في المئة للدولة في حالة «جي دي اس»، و60 في المئة للشركة و40 في المئة للدولة في حالة «وايفز»)، إذ ردّ على المراجعة المقدمة من نقابة موظفي أوجيرو والاتحاد العمالي العام لإبطال قرارت الترخيص، محاولاً حرف النقاش عن القضية الأساسية والتركيز على انعدام وجود «صفة» للمدّعين وافتقار دعوى الإبطال إلى عنصر «المصلحة» و«الضرر».كان لافتاً أن يوقِّع الجرّاح كل ورقة من أوراق الردّ على مراجعة الإبطال، إذ ليس هناك أي داعٍ قانوني لهذا السلوك ويمكن الاكتفاء قانوناً بتوقيع آخر ورقة في الردّ. ومن اللافت أيضاً أن يكون التركيز في الردّ على «الشكل» وليس على المضمون، فقد ورد أن «أول ما يسترعي الانتباه هو افتقار الاستدعاء إلى شرط المصلحة»، إذ يرى الجراح ومحاموه أن موظفي أوجيرو لا تتوافر فيهم المصلحة ولا في الاتحاد العمالي العام ولا في أحد مستخدمي أوجيرو...

الجراح لا يكتفي بالمحاججة في مسألة بديهية كهذه، بل يصرّ على أنه لا ضرر لاحق بالجهات المستدعية «بنتيجة ما سمّوه المسّ بالمال العام»، ويشير إلى أن «الضرر المزعوم ليس ضرراً شخصياً لاحقاً بهم بشكل خاص، بل هو في حال وجوده يشكّل ضرراً عاماً وشخصياً (رغم انتفاء الضرر أصلاً)»، كذلك فإنه ليس هناك أي ضرر مزعوم نتيجة المسّ بديمومة العمل!
ويضيف أن الجهات المستدعية تفتقر إلى «الصفة»، ويشير إلى أنه «لا يمكن الجهة المستدعية من خلال انضمام أيٍّ من موظفي أوجيرو إلى الاتحاد العمالي أو نقابة الموظفين اكتساب صفة المطالب والمدافع عن حقوق هيئة أوجيرو، خاصة أنه لا علاقة أو رابط قانوني مباشر بين أيٍّ من موظفي الهيئة والأطراف الثالثين الذين تعاقدهم أوجيرو في القطاعين العام والخاص».
الجرأة وصلت إلى حدّ توصيف القرارات التي ترخّص لشركتي GDS و WAVES هي قرارات إدارية لا تتضمن «إنشاء أو تعديل الأوضاع القانونية ولا يعدو كونه عملاً إعلانياً تكميلياً للمرسوم 4318 الذي أنشأ الترخيص للشركة». كذلك قال إن المراجعة تفتقر إلى «المعلومات التقنية وتبادل المعلومات»، وأنها تحاول إظهار قرارات الجراح على أنه «يجيز إجراء أعمال حفر وتنقيب وحفر وخلق مسارات جديدة وإنشاء شبكة مستقلة».

بسبب جهله
التقني، يتناسى الجراح أنه لا شبكة من دون تمديد الكابلات


ادعاءات الجراح في هذا المجال كثيرة، لكن الأكثر غرابة بينها هي تلك المتعلقة بالشبكة المستقلة، إذ إن الجراح يصف الشبكة بأنها مجموعة من عمليات الحفر والتنقيب والمسارات، متناسياً ــ بسبب جهله التقني أو عن غير قصد ــ أن مفهوم الشبكة المستقلة ليس مرتبطاً بهذه الأعمال التمهيدية، إذ لا يمكن من دون تمديد الكابلات أن تكون هناك شبكة أصلاً، ولا يمكن ربط السنترالات بعضها ببعض، ولا يمكن أن تنتقل الداتا على أشكالها المختلفة من دون الكابلات... الكابلات هي أساس الشبكة، وإن تمديد ألياف ضوئية مستقلة عن الكابلات الممدودة أصلاً، هي شبكة مستقلّة.
يضاف إلى ذلك أن هناك سؤالاً أساسياً يجب أن يردّ عليه الجراح وفريقه القانوني. فإذا كانت المراسيم الصادرة في عام 2000 تنشئ الحق بالترخيص، فإنه لا يمكن تفسيرها إلا وفقاً لمضمونها حصراً، وهي لا تذكر من قريب أو من بعيد الـ«ألياف ضوئية»، فالمرسوم يتحدّث عن تقنيات مختلفة، فضلاً عن أن الحق المكتسب للمرسوم سقط بمرور الزمن بعد 20 سنة على عدم تنفيذه، وهو لم يجدّد سنة فسنة كما نصّ عند صدوره. وعلى افتراض أن المرسوم لا يزال قائماً، فإن كل تعديل لمرسوم يحتاج إلى مرسوم، عملاً بمبدأ التوازي.