زيارة القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري إلى قصر بعبدا لم تؤثر بأي شكلٍ من الأشكال على موقف الرئيس ميشال عون من قضية احتجاز المملكة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، وإجباره على تقديم استقالته من على شاشةٍ سعودية وببيان ممهور بختم ملكي. فالجنرال يُصرّ على مطلبه الوحيد «إعادة الحريري وعائلته إلى لبنان. وهو أخبر البخاري بما يجب أن يسمعه من دون أي تجميل للموقف»، يقول أحد المقرّبين من عون.
البيان الرسمي الذي صدر عن قصر بعبدا، بأنّ عون أكد للبخاري أن «من غير المقبول الطريقة التي حصلت فيها استقالة الحريري»، يُعتبر من وجهة نظر المصدر «تظهيراً لموقف رئيس الجمهورية وتشديداً عليه». وفي التفاصيل أنّ عون سأل البخاري مُستفسراً: «ما الذي استجدّ حتى يُقدّم الحريري استقالته؟»، فردّ القائم بالأعمال السعودي، بحسب ما ينقل المُقرّب من الرئيس، بأنّ «الحريري ضاق ذرعاً بتصرفات حزب الله». لم يقتنع عون بالجواب السعودي، فردّ بضرورة أن «نرى الحريري ويعود إلى لبنان، فهو رئيس للحكومة». ردّد البخاري رواية مملكته عن أنّ استقالة الحريري أتت بملء إرادته، وبأنّه لا يعيش في الإقامة الجبرية، «وفي حال أردتكم التأكد، بإمكانكم إرسال موفدكم المُقرّب (قاصداً وزير الخارجية جبران باسيل، الذي حضر اللقاء) إلى السعودية لمقابلة الحريري».
صحيح أنّ الرئيس ووزير الخارجية لم يُعطيا البخاري جواباً، إلا أنّ المصدر المُقرّب من عون ومصدراً آخر في قصر بسترس يؤكدان «الاتجاه لعدم تلبية الدعوة». وعدم إعطاء جواب فوري، «سببه كسب المزيد من الوقت، وإفساحاً في المجال أمام المفاوضات التي تجري، علّنا نتمكن من حلّ قضية الحريري». ويشرح المصدران أنّ لقاء الحريري في الرياض «يعني إنهاء الضغوط التي نقوم بها محلياً، فهناك هو مُسيّر. العديد من السفراء الغربيين التقى الحريري في السعودية، من دون فائدة. ولنفترض أنّه أبلغ باسيل إصراره على الاستقالة وأنّه مُهدّد أمنياً، هل بإمكاننا الاستمرار في القول إنّنا ننتظر عودته لنبني على الشيء مقتضاه؟ لن نُقدّم للسعوديين هذه الورقة، والأفضل أن يأتي هو إلى لبنان».
وكان عون قد استكمل تحركه لاسترجاع الحريري بلقاء، أمس، مع سفراء دول مجموعة الدعم من أجل لبنان في مجلس الأمن وبحضور باسيل. وأعاد عون التأكيد أمام السفراء أنّ بتّ الاستقالة ينتظر عودة الحريري وفهم الاسباب التي دفعته إلى إعلانها. وقال عون للسفراء إن «لبنان سينتظر أسبوعاً لحل الأزمة بعودة الحريري وعائلته. وفي حال لم يعد، فإن لبنان سيرفع من مستوى ضغوطه، وسيتوجه إلى المجتمع الدولي». وسأل أحد السفراء عون عمّا إذا كان المقصود هو تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، فردّ عون بالقول: كل الخيارات متاحة».
ووفق بيان القصر الجمهوري، عبّر الرئيس عن قلقه مما يتردد عن الظروف التي تحيط بوضع الحريري وضرورة جلائها، مُذكّراً أعضاء المجموعة بالاتفاقات الدولية التي ترعى العلاقات مع الدول والحصانات التي توفرها لأركانها. وقد نال كلام عون تأييد السفراء، فعبّر نائب ممثلة الامين العام للأمم المتحدة، فيليب لازاريني، عن تأييد الدول الأعضاء لموقف عون من كل جوانبه. في هذا الإطار، يقول المصدر المُقرّب من الرئيس إنّ هناك «تعاطفاً من السفراء الغربيين مع موقف لبنان، وهم يحاولون ممارسة الضغوط مع بلدانهم، وقد تجلّى ذلك في مواقف وزراء خارجيتهم».
وأجرى عون بعد ذلك سلسلة لقاءات مع سفراء الدول العربية المعتمدين في لبنان، في حضور الوزير باسيل.