ذهول كبير خيّم على الشارع الطرابلسي، وتحديداً مناصري تيار المستقبل في المدينة، بعد إعلان الرئيس سعد الحريري استقالة حكومته أول من أمس من العاصمة السعودية. وظهر الإرباك مع إلغاء مناصري التيار الأزرق الوقفات التضامنية التي أعلنوا عن تنظيمها في طرابلس وغيرها من المناطق، بعد نصائح أمنية. وبدا لافتاً عدم رفع أي لافتة أو صورة تأييداً للحريري، بعد مرور أكثر من 24 ساعة على استقالته، كما جرت العادة في عاصمة الشمال.
وتنفّس الشارع الطرابلسي عموماً، والمستقبلي خصوصاً، الصعداء بعد إعلان الرئيس نجيب ميقاتي من دار الفتوى إثر لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أنه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة «في الوقت الحاضر، لأنني سأكون مرشحاً للانتخابات النيابية المقبلة في مدينتي طرابلس». وسحب ميقاتي بذلك الهواجس التي سادت في المدينة عن إمكان قبوله تشكيل الحكومة المقبلة، على غرار ما حصل عام 2011، ما أدى حينها إلى رد فعل عنيف من الحريري وتياره ضد ميقاتي، جعل طرابلس تشهد 20 جولة اشتباكات، لم تنته إلا بعد استقالة ميقاتي وعودة الحريري إلى السلطة من بوابة حكومة الرئيس تمام سلام.
ميقاتي الذي اعتبر أن «الوقت ليس وقت شماتة أو تصفية حساب، بل لعمل جدي من أجل صون لبنان والحفاظ عليه»، أشار إلى أنه طلب من دريان دعوة المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى «إلى الاجتماع بكل أعضائه، للتأكيد على وحدة الصف، ونجدد الالتزام بوثيقة الثوابت الوطنية التي كنا قد أعلنا عنها من دار الفتوى قبل سنوات». وأوضح أنه طرح على دريان «مبادرة أردنا أن تبقى في عهدته، لكي يطرحها في الوقت المناسب، وهي تقدم حلاً للخروج من الأزمة الحالية».

نصائح أمنية أدّت إلى تخلّي المستقبل عن الوقفات التضامنية

ومع أن ميقاتي لم يكشف المبادرة، فإن أوساطه أشارت لـ«الأخبار» إلى بعض بنودها، ومن أبرزها أن «يتبنى الاجتماع المرتقب موقفاً أو طريقة واحدة لتسمية الشخصية التي ستكلف تأليف الحكومة المقبلة تحت سقف دار الفتوى، والخروج بموقف واحد لا يُحدث انشقاقاً في أوساط الطائفة».
وحول ما يقصده ميقاتي بأنه «لن نسمح بأي شكل من الأشكال بالفراغ على صعيد سدّة رئاسة الحكومة، لأن لبنان بلد توازنات»، أوضحت أوساطه أن «الفراغ الحكومي ليس في مصلحة أحد، وخصوصاً بالنسبة إلى الطائفة السنّية، التي ستجد نفسها خارج السلطة إذا طال أمد الفراغ».
في موازاة ذلك، فضّل الوزير السابق فيصل كرامي عدم التعليق على ما حصل «بانتظار اتضاح الصورة». أما النائب محمد الصفدي، الذي تعذر التواصل معه لوجوده خارج لبنان، وكانت تسريبات صحافية قد طرحت اسمه لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، فغرّد داعياً إلى «التعاطي مع الأمر بهدوء، والعمل على تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية»، آملاً من رئيس الجمهورية «اتخاذ القرارات المناسبة في هذا الظرف الصعب».
ورفضت مصادر سياسية طرابلسية ما قاله البعض عن عدم وجود شخصية سياسية لرئاسة الحكومة إلا الرئيس الحريري، ووجوب أن تحظى برضى سنّي أو وطني، فسألت: «إذا كنا ذاهبين إلى اشتباك سعودي ــ إيراني في لبنان، فكيف نأتي بهذه الشخصية وسط انقسام البلد سياسياً، وهل نتركه مخطوفاً؟».