على وقع اشتداد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة بين حركة فتح ومجموعات المتشددين التابعة لبلال العرقوب وبلال بدر وتسجيل الحركة إنجازات ميدانية ليل أمس، اجتمع بعض ممثلي القوى الإسلامية والفصائل الفلسطينية في منزل مسؤول عصبة الأنصار الشيخ أبو طارق السعدي، بغياب ممثل لفتح، وأعلنوا الاتفاق على موعد جديد لوقف إطلاق النار وسحب فوري للمسلحين في الشارع، علماً بأن عناصر من العصبة انتشروا ليل الأحد في حي الصفصاف في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار، قبل أن ينهار مع ساعات الليل الأولى.
أصداء الاتفاق الأخير وجدت طريقها إلى محاور القتال في حي الطيرة وتلة الصحون والصفصاف والرأس الأحمر وعرب زبيد وسوق الخضر، حيث عنفت الاشتباكات بدءاً من ظهر أمس.
بحسب مصادر مواكبة، عمّم العميد الفتحاوي أبو أشرف العرموشي على عناصره التوجه نحو الالتزام بالاتفاق من دون تحديد الموعد، ما برّر استمرار إطلاق النار الذي استمر بوتيرة أخف مع منتصف الليل.
موافقة العرموشي على الاتفاق كانت لافتة بعد الإنجازات الميدانية التي حققها طوال نهار أمس، منها رفع راية فتح على بعض المنازل والسيطرة على زاورب ناصيف في حي الطيرة. وكان العرموشي قد نفذ هجوماً على الطيرة، استطاع من خلاله السيطرة على عدد من المنازل التي استخدمها المتشددون للقنص باتجاه مكاتبه. بالتزامن، بادر عناصر تابعون لقائد «التيار الإصلاحي في فتح» العميد محمود عيسى، «اللينو»، إلى تشكيل طوق على المداخل المؤدية لمعقل بدر لمنع وصول الإمدادات من معاقل المتشددين الأخرى، وذلك بعد رصد استنفار في أحياء الطوارئ والمنشية ومحيط مسجد النور والصفصاف بين صفوف المجموعات التابعة لشادي المولوي والشباب المسلم، وتلك المحسوبة على تنظيم «داعش».

تريد «فتح» تقديم «إنجاز»
للدولة اللبنانية وتوجيه رسالة
إلى «المفصولين» وحماس



اللينو تحدّث إلى «الأخبار» عن توارد معلومات عن «تكليف داعش للمولوي وعناصره باستهداف مواقع الجيش المحيطة بالمخيم كردّ فعل على معركة جرود رأس بعلبك من جهة، ولتشتيت تركيز فتح في المعركة من جهة أخرى».
طوال نهار أمس، تمسّك العرموشي بإصراره على تحقيق الهدف الذي لم يتحقق في اشتباك نيسان الفائت واستكمال القتال حتى إنهاء حالة «البِلالَين» وإحكام السيطرة على معقلهما في الطيرة. وكان قد طلب مهلة 24 ساعة تبدأ صباح الإثنين (أمس) للسيطرة على الطيرة. قتال الليل كان شديداً، بخلاف موقف قيادات فتح السياسية التي دعت إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، معتبرة أن العرموشي يتفرّد بالقرار. في المقابل، يؤكد الأخير أنه ينسّق خطواته مع قيادة الحركة في رام الله.
لمصلحة من يقاتل العرموشي؟ خلال معركة نيسان بين فتح وبدر، قررت قيادة الحركة وقف إطلاق النار قبل إنهاء مربع الطيرة. لكن «اللينو» وبعض العناصر تمردوا على القرار ومدّدوا القتال لثلاثة أيام إضافية. هذه المرة، لعب العرموشي دور «اللينو»، رافضاً الانصياع. مصدر فلسطيني مواكب رأى أن عدم التزام العرموشي، ومن خلفه رام الله، بوقف إطلاق النار، يندرج في سياق استباق خطة الجيش اللبناني للتعامل مع آخر معاقل التكفيريين بعد الانتصارات التي سجلت في عرسال ورأس بعلبك، إذ وصلت معلومات مؤكدة إلى قيادات الفصائل أن الجيش، بعد أن ينتهي من معركة الحدود، لن يقبل باستمرار «الوضع الشاذ» في عين الحلوة، بالتزامن مع استمرار تشييد الجدار حول المخيم. وبحسب المصدر، يحسب إصرار العرموشي إيجاباً لمصلحة قيادة السلطة الفلسطينية «التي تسعى لتقديم إنجاز للدولة اللبنانية، لكنها في الوقت ذاته تكسر تفرّد اللينو (المحسوب على القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان) بقرار الهجوم على المتشددين وتردّ الصاع لحماس التي تتّهمها فتح باحتضانهم».
وكان العرقوب قد توعّد بالذبح قيادات فتح والقوى الذين يتواصلون مع الدولة اللبنانية، واصفاً إياه بـ«الصليبية»، وموجّها التحية إلى «داعش». اشتداد الاشتباكات ليلاً أدى إلى سقوط الرصاص الطائش في بعض أنحاء مدينة صيدا.