ألغى مجلس النواب في جلسته التشريعيّة، أمس، المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني، التي تعفي المُغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية، ما يحرمه من أيّ سبب تخفيفي للجريمة. يأتي هذا الإلغاء بعد نضال استمر سنوات قادته جمعيّات نسائيّة، وألحق في شباط الماضي بتوافق لجنة الإدارة والعدل النيابيّة على إلغاء هذه المادة، وتشديد العقوبات على الجرائم الجنسيّة التي تلحظها المواد من 503 إلى 521 في قانون العقوبات.
«لبنان لم ينتصر للنساء، والمادة 522 لم تُلغَ بالكامل، والنواب يحاولون إلهاءنا بانتصارات جزئيّة، وفي الحقيقة المفهوم الذكوري والعشائري هو المنتصر الأوّل»، هذا ما عبّرت عنه جمعيّة «كفى عنف واستغلال» في بيان صادر عنها. وتشير المسؤولة الإعلاميّة للجمعيّة مايا عمّار إلى أن «هذه النتيجة كانت متوقّعة، وهم لم يأخذوا بملاحظاتنا، إذ تمّ إلغاء مفعول المادة 522 عن جريمة الاغتصاب فقط، بعد أن كانت تطبّق على كلّ الجرائم الواردة بين المادتين 503 و521 (بما تتضمّن من مجامعة قاصر وفضّ بكارة بوعد الزواج والخطيفة) وتعفي مرتكبها من العقاب في حال تزوّج الضحيّة، ومن دون أن ينسحب على المادة 505 المتعلّقة بمجامعة قاصر أتمّت الخامسة عشرة من عمرها.

إلغاء المادة 522 ينطوي على تقدّم خطوة، ولكنه يكرّس مبدأ التزويج المبكر والزواج بالإكراه
فمن يجامع قاصراً ما زال مُعفى من العقاب والملاحقة في حال تزوّج بها، والأمر نفسه ينطبق على المادة 518 المتعلّقة بفضّ البكارة بالإغواء بوعد الزواج، والتي تعفي المرتكب من العقوبة في حال عاد وتزوّج الضحية. كذلك لم يتمّ التطرّق إلى الاغتصاب الزوجي». وتضيف عمّار «لا شكّ في أن إلغاء المادة ينطوي على تقدّم خطوة واحدة، ولكنّها ليست كافية، هناك ثغرات لن نساوم عليها، تكرّس مبدأ التزويج المبكر والزواج بالإكراه».
وبحسب عمّار «تتناول المادتان 505 و518 مجامعة القاصر باعتبارها جرماً يعاقب عليه القانون، غير أن تعديل المادة، أمس، يضع المرتكب أمام خيارين، إمّا السجن أو الزواج بالضحية في حال كانت تبلغ من العمر بين 15 و18 سنة، مع إضافة وجوب تدخّل مندوبة اجتماعيّة عند الزواج للتأكّد من أن القاصر على ما يرام. وهنا الثغرة، إذ كيف يُعطى المجرم خيار الزواج من الضحيّة للإفلات من العقاب ما دام القانون يعتبر مجامعة قاصر جرماً. وهو ما يكرّس ويقونن تزويج القاصرات والقبول به كحلّ للاعتداءات الجنسيّة».
في المقابل، ترى المحامية دانيال حويك، من جمعيّة «أبعاد»، أن «إلغاء هذه المادة هو إنجاز وانتصار للمرأة اللبنانيّة، رغم محاولة جمعيّات نسائيّة إشاعة عكس ذلك، وبثّ معلومات مجافية للحقيقة، من خلال التصويب على المادتين 505 و518 المتعلّقتين بمجامعة قاصر، والتي قد تكون برضىاها، وفي حال العكس يعدُّ ذلك اغتصاباً ويعاقب عليه، إضافة إلى أن الإيفاء بوعد الزواج يسقط الفعل الجرمي. كذلك فإن هناك تشدّداً في ملاحقة ومحاصرة هذه الجرائم الجنسيّة، خاضعاً لتقديرات القاضي التي يستند فيها إلى تقارير دوريّة صادرة عن مساعدين اجتماعيين». وتتابع حويك «إن الترجمة الفعليّة لإلغاء المادة 522 تكمن في صعوبة الإفلات من العقاب لكلّ مرتكب جريمة عنف جنسي، سواء تزوّج أو لم يتزوّج الضحيّة، وسواء كانت الضحيّة قاصراً أو لم تكن، إضافة إلى تشديد عقوبات المواد من 503 إلى 521 بحسب الأعمار».