أصدرت وكالة التصنيف العالمية «موديز» تقريراً في إطار «الرؤية الائتمانية» للبنان، تشير فيه إلى أن الحزمة الضريبية التي أقرّها مجلس النواب في 19 تموز الماضي لتمويل سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام تشكّل أول إصلاح للإيرادات منذ عام 2007، أي منذ مؤتمر باريس 3.
ولفتت إلى أن هذه الحزمة مخصصة لتمويل تصحيح الرواتب في القطاع العام، وهي بمثابة إشارة لتجديد زخم هيكلة العجز، وتمهّد الطريق لمجلس النواب لتصديق الموازنة المنقطعة منذ 2005.
وتقول موديز إن السلطات في لبنان تتوقع أن تولّد إيرادات إضافية من التدابير الضريبية الجديدة بقيمة 1.2 مليار دولار أو ما يوازي 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي. وتتضمن الحزمة الضريبية الجديدة رفع ضريبة القيمة المضافة من 10% إلى 11%، وزيادة ضريبة الدخل على المؤسسات المالية من 15% إلى 17%. كذلك أصابت هذه الحزمة الفوائد المصرفية المولّدة من الودائع المصرفية ومن أرباح المصارف الناتجة من محافظ الدخل الثابتة (السندات) (من 5% إلى 7%). كذلك فرضت هذه الحزمة غرامات على التعديات على الأملاك العامة البحرية، فيما أدّت إلى زيادة معدلات الضريبة على اليانصيب لتصبح 20% بدلاً من 10%، وفُرض دفع 2% من رسم التسجيل العقاري (سلفة على الرسم) عند توقيع العقد، وزيدت الضرائب على الشحن البحري وعلى الكحول والتبغ.

تولّد الإيرادات الإضافية نحو 1.2 مليار دولار أو 2.3% من الناتج


وبحسب التقرير، فإن مشروع الموازنة الذي صدّقت عليه الحكومة في آذار الماضي يتضمن عجزاً بقيمة 5.2 مليارات دولار، أو ما يوازي 8.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع عجز نسبته 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، ويتضمن أيضاً إنفاقاً بقيمة 15.8 مليار دولار. وبالتالي إن تصديق مجلس النواب على الموازنة العامة السنوية سيشكّل نقطة إيجابية للبنان، من شأنها أن تحسّن الشفافية والتوقعات في المالية العامة، وتسمح أيضاً بمزيد من الإصلاحات وتسهّل حصول لبنان على التمويل من المانحين، إذ إنه خلال العقود الماضية، أدّى الاستقطاب السياسي إلى إضعاف فعالية السياسات، ورغم التحسّن الأخير، فإن هناك توافقاً على تحقيق إصلاح هيكلي كان بعيد المال.
من شأن عودة مسار الموازنات العامة إلى طبيعته أن يسمح للحكومة بالحد من العجز المالي. فقد أدّى ضعف تحصيل الإيرادات والتأخر المستمر في الإصلاحات الضريبية إلى تقليص إيرادات الحكومة، إذ تراجعت من 22.8% من الناتج في عام 2011 إلى 19% من الناتج في 2016. وفي الوقت نفسه، كانت النفقات ترتفع نتيجة ارتفاع أكلاف خدمة الدين والتحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان والزيادة في النفقات الرأسمالية.
ورغم أن انخفاض أسعار النفط ساعد على التخفيف من التحويلات إلى كهرباء لبنان، إلا أن هذا الانخفاض لم يغطّ الزيادات في الإنفاق.
ومن وجهة نظر موديز، فهي تتوقع أن يتراجع العجز إلى 8.9% من الناتج في عام 2017 مقارنة مع 9.5% من الناتج في 2016. ولكن تبقى مستويات العجز في لبنان مرتفعة مقارنة مع الاقتصادات المماثلة المصنّفة -B. وتتوقع أيضاً أن يزيد عبء الدين الحكومة بنحو 5.5% خلال الممتدة بين 2016 و2018 لتبلغ نسبة الدين إلى الناتج 137.9%.