لم يكن عام 2016 استثنائياً كما يصوّر البعض. كان ذروة أخرى من ذروات أزمة النظام السياسي ونموذجه الاقتصادي. صحيح أن التطورات الأخيرة، من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة إلى بدء الحديث الجدّي في قانون الانتخاب، شكّلت عناصر «تهدئة»، إلا أن المؤشرات تشي بالمزيد من المخاطر التي لا ينفع معها الاكتفاء بهذه العناصر وحدها. فالدولة فاقدة للمشروعية وعاجزة عن القيام بأبسط أدوارها ووظائفها وواجباتها.
لا قانون للموازنة منذ 11 عاماً. مديونية الدولة ومصرف لبنان باتت تشكّل أكثر من 250% من مجمل الناتج المحلي، فضلاً عن مديونية الأسر التي تستنزف أكثر من نصف مداخيلها. لا توجد أي سياسة لإدارة النزوح السوري مع أنه أدّى إلى زيادة عدد سكان لبنان بنسبة 30% في أقل من 5 سنوات. الضغوط الإضافية الهائلة على البنى التحتية، نتيجة الامتناع عن الاستثمار والخضوع للفساد والمحاصصة، أدّت إلى المزيد من الانهيار في الكهرباء والمياه والاتصالات والطرقات والبيئة والتعليم والصحة... لم يحقق الاقتصاد اللبناني أي نمو فعلي في عام 2016. البطالة ترتفع فيما منافذ الهجرة تضيق. ميزان المدفوعات لا يزال يسجّل عجراً وتحويلات العمال اللبنانيين في الخارج تنخفض... وحدها المصارف تربح وكذلك كبار المستوردين والمضاربين العقاريين


6 ملايين نسمة بلا أمل

="" title="" class="imagecache-2img" />
تصميم رامي عليّان | للطلاع على الصورة المكبرة انقر هنا



يقدّر عدد سكان لبنان بنحو 6 ملايين نسمة، من ضمنهم نحو مليون لاجئ سوري ونصف مليون لاجئ فلسطيني (ولاجئون آخرون)، ويوجد نحو نصف مليون عامل أجنبي... في المقابل، يوجد نحو نصف مليون لبناني يعملون في الخارج.

اللامساواة تتّسع


="" title="" class="imagecache-2img" />
تصميم علي فران | للطلاع على الصورة المكبرة انقر هنا


يقع المجتمع اللبناني في خانة أكثر المجتمعات الرازحة تحت عبء تركز الثروة وعدم المساواة في توزيع الدخل، ففيما يقبع نحو 30% من الأُسر اللبنانية تحت خط الفقر (أي أنها تعيش بأقل من 4 دولارات يومياً بحسب معايير البنك الدولي)، تفيد التقديرات بأن 0.05% من اللبنانيين الراشدين، يستحوذ كل منهم على ثروة شخصية تفوق قيمتها 5 ملايين دولار، من بينهم 6 أشخاص راشدين يمتلك كل منهم ثروة قيمتها أكثر من مليار دولار، ويستحوذون وحدهم على ربع الثروة.

الأموال الخارجة اكبر من الأموال الداخلة

="" title="" class="imagecache-2img" />
تصميم رامي عليّان | للطلاع على الصورة المكبرة انقر هنا



رغم كل الإجراءات والتدابير التي اتخذها مصرف لبنان في عام 2016 تحت اسم «الهندسة المالية»، جاءت النتائج في الأشهر العشرة الأولى من 2016 لتسجّل عجزاً في ميزان المدفوعات بقيمة 125 مليون دولار، فارتفع العجز المتراكم منذ 2011 إلى 9548.5 مليون دولار، وهذا يعني أن الأموال التي تخرج من لبنان لا تزال أعلى بكثير من الأموال التي تتدفق إليه. ويُعتبر العجز في الميزان التجاري وتراجع التدفقات الرأسمالية، ولا سيما تراجع تحويلات المغتربين، من المصادر الأساسية لهذا العجز. علماً أن الميزان التجاري سجّل عجزاً في الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية بقيمة 12 مليار دولار.
* البنك الدولي ومصرف لبنان والجمارك اللبنانية

المصارف الرابحة دوماً

="" title="" class="imagecache-2img" />
تصميم رامي عليّان | للطلاع على الصورة المكبرة انقر هنا



حققت المصارف أرباحاً استثنائية في عام 2016 نتيجة الهندسة المالية التي نفذها مصرف لبنان. قدّرت هذه الأرباح بأكثر من 5 مليارات دولار تضاف الى الأرباح السنوية العادية المقدّرة بنحو ملياري دولار.

إنفاق 130.3 مليار دولار بلا موازنة

="" title="" class="imagecache-2img" />
تصميم رامي عليّان | للطلاع على الصورة المكبرة انقر هنا



للعام الحادي عشر على التوالي تنفق الحكومات الأموال العامّة على هواها وتجبي الضرائب والرسوم من المقيمين بلا قانون موازنة يجيز لها ذلك. فقد أنفقت هذه الحكومات بين عامي 2006 و2016 نحو 130.3 مليار دولار، وجبت نحو 93.9 مليار دولار خلافاً لأحكام الدستور وقانون المحاسبة العمومية. بلغ العجز المالي في عام 2016 نحو 4.5 مليار دولار وارتفع الدين العام الحكومي إلى 74.5 مليار دولار، فيما سجّل دين الدولة الإجمالي مستوى قياسياً وتاريخياً جديداً بلغ أكثر من 130 مليار دولار.
* وزارة المال



="" title="" class="imagecache-2img" />
للطلاع على الصورة المكبرة انقر هنا