تقوم بلدية كفرنبرخ (قضاء الشوف)، حالياً، بدراسة اقتراح مشروع يقضي بإقامة "موقف" لركن عوادم النفايات المتأتية من معمل فرز النفايات التابع لاتحاد بلديات الشوف السويجاني (معمل السويجاني)، والموجود في بلدة بعقلين.
بحسب رئيسة بلدية كفرنبرخ، وسام الشامي نصر، فإن الاقتراح يقضي بإشغال نحو 4000 متر مربع من الأملاك التابعة للبلدية لإقامة "كاراج" (موقف) لركن العوادم المتأتية من معمل السويجاني لمدة 6 أشهر، على أن يتم توسيع طاقة المعمل الاستيعابية ليشمل فرز نفايات قضاءي الشوف وعاليه، وتأهيله عبر إنشاء مطمر مجاور له لطمر العوادم المتأتية منه.
تقول نصر لـ"الأخبار" إنها لم تبتّ موضوع "الموقف" بعد، مُشيرة الى أن البلدية تلقّت عرضاً من المقاول جهاد العرب يقضي بمنح البلدية مبلغ مئة ألف دولار لقاء المُضي في المشروع. تعاني كفرنبرخ، كسائر بلدات الشوف وعاليه، من أزمة تصريف نفاياتها بعد استثناء بلدات القضاءين من خطة النفايات الحكومية. لذلك تميل نصر خلال حديثها الى مسألة "تبنّي المشروع الذي سيكون حتماً بيئياً أكثر من الواقع الراهن الصعب".

زعاطيطي: الموقع خطر
جداً على المنطقة وعلى
المحيط المباشر القريب

من جهة أخرى، يُثير عدد من البيئيين الكثير من المخاوف والمخاطر المترتبة عن إنشاء "الموقف". بدايةً، يرى هؤلاء أن مُصطلح "موقف" هو تمويه لما هو مُخطّط في المشروع وهو إنشاء مطمر لنفايات البلدات المجاورة.
يتساءل رئيس الائتلاف المدني الرافض لخطة النفايات الحكومية، رجا نجيم، في هذا الصدد: "لماذا يقضي المشروع إذاً بإقامة عزل طالما أن الموقف هو لركن العوادم مؤقتاً فقط، وبالتالي لن يكون هناك نفايات عضوية تُنتج عصارة؟"، لافتاً إلى إعداد التجهيزات التي تُنبئ بإقامة مطمر لنفايات المنطقة.
من جهتها، تُبرز "الحركة البيئية اللبنانية" تقريراً أعدّته إحدى الشركات الهندسية المُكلفة من قبل "مجلس الإنماء والإعمار" عن إجراء دراسات الأثر البيئي والفني للمشروع، للإشارة الى جدّية المشروع وإمكان المُباشرة فيه بأسرع وقت. يخلص التقرير المذكور الى إمكان المُضي بالمشروع، ويعتبر أن طبيعة الأرض تسمح بعزل عصارة النفايات، بشكل لا يتسلّل الى المياه الجوفية الباطنية، وهي خُلاصة تتناقض والملاحظات الأولية التي وضعها مستشار "الحركة البيئية اللبنانية"، الخبير الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي الذي يقول إن طبيعة الأرض تسمح بتسرّب الملوثات السطحية نحو المخزون الجوفي.

موقع ملوِّث وعرضة للانهيار

يقول زعاطيطي إنه من الناحية الهيدروجيولوجية، يُعتبر الصخر الرملي والجرفيات الحديثة خليطاً ذا نفاذية متوسطة (النفاذية هي القدرة على تسريب المياه السطحية الى عمق الصخر)، حيث يجري الماء حاملاً الملوّثات السطحية بين حبيبات الرمل عمودياً عبر الكسور الأرضية نحو المخزون الجوفي الكربوناتي (..). ويخلص زعاطيطي الى القول إن الموقع "خطر جداً على المنطقة وعلى المحيط المباشر القريب، وخطر على المخازن الجوفية الكربوناتية للجوارسيك والطبشوري وهو من أسوأ المواقع الممكن اختيارها لوضع مطمر لعدم ثبات الصخور الرملية المعرّضة للانهيارات والانزلاقات نتيجة قطع الأشجار التي كانت تُمسك التربة". ويُضيف: "مهما قمنا بمحاولات ترقيعية مُكلفة جداً لمنع تسريب الملوثات نحو المخزونات المائية الجوفية، فإنّ التجارب السابقة في السدود والبرك الجبلية أثبتت أنّ الطبيعة أقوى من كل محاولات الوقوف بوجهها".

معمل السويجاني مُحتلّ؟

انتهت الأعمال في معمل الفرز القائم في بلدة بعقلين، والمعروف بمعمل "السويجاني"، نسبة إلى أنه تابع لاتحاد بلديات الشوف السويجاني، عام 2008. يقول المتعهد الملتزم أعمال المعمل نزيه بريدي في اتصال مع "الأخبار"، إنه لم تُباشر الأعمال في المعمل إلا عند بداية أزمة النفايات في عام 2015، وتم تفعيل العمل الفعلي للفرز في عام 2016، على أن يستقبل يومياً نحو 26 طناً من 7 بلديات فقط، من ضمنها بلدية كفرنبرخ. في ما بعد، وبعد اشتداد أزمة النفايات، بدأت بعض البلديات تنضم وتطلب شمول نفاياتها ضمن الكميات التي يفرزها المعمل، إلى أن وصل عدد البلديات المشمولة إلى 20، الأمر الذي أدّى الى عجز المعمل وتحوّله الى "مكب للنفايات، نتيجة عدم التزام الاتحاد بتأمين أرض لطمر العوادم ونتيجة اشتداد الأزمة ومضاعفة كميات النفايات"، وفق ما يقول بريدي. ويُضيف الأخير إن هذا الواقع (عدم إيجاد مطمر للعوادم ومضاعفة كميات النفايات، فضلاً عن التوقف عن دفع البدلات المالية للمتهعّد)، أدّى الى عجز المعمل عن تلبية فرز الكميات. اللافت هو ما يقوله بريدي، وهو أنه مع بداية إقرار خطة النفايات الحكومية، ومع بداية تشغيل المعمل وإعادة تأهيله، "هاجمت بعض الجهات المعمل، وصادرت معداته وطردت الموظفين والعمّال وتسلّمت إدارته!"، مُشيراً الى أنه لم يعد يعرف الواقع الحالي للمعمل وأنه أقدم على تقديم شكوى جزائية ضدّ "المُحتلّين". لم يُسمّ بريدي الجهات التي احتلّت المعمل، لكنّه أشار الى أنه بعد "السطو" على المعمل، تم تدبير أرض المطمر فوراً، "وكأن هناك من قرر أن يُدير نفايات المنطقة فجأة".