سجل الاعتداء على مركز الجيش اللبناني في بلدة بقاعصفرين في الضنية، مساء أول من أمس، وسقوط شهيد وجريح، تطوراً خطيراً أثار مخاوف من أن يكون هذا الاعتداء نقلة نوعية في المواجهات بين الجيش والمجموعات الإرهابية، ومقدمة لاعتداءات أخرى مماثلة.وشكل الاعتداء ثالث مواجهة مباشرة بين الجيش والمجموعات الإرهابية التكفيرية في الضنية، بعد أحداث مطلع عام 2000، التي استطاع فيها الجيش القضاء على مجموعة مسلحة كانت تُعدّ لإقامة معسكر لها في أعالي جرود المنطقة، وإثر الضربة الاستباقية التي قام بها الجيش في 23 تشرين الأول عام 2014، وقوّض من خلالها خطة مجموعات إرهابية كانت تعمل على إقامة إمارة إسلامية في الضنية، بعدما قضى على خلية نائمة في بلدة عاصون، حيث ألقى حينها القبض على الرأس المدبر لها أحمد سليم ميقاتي. لكن الاعتداء الأخير أعطى انطباعاً بأن المواجهة بين الجيش والمجموعات الإرهابية أخذ منحىً آخر.

فبعدما كان الجيش في المرتين السابقتين هو المبادر إلى القضاء على هذه المجموعات، غيّرت هذه المجموعات تكتيكها وبادرت إلى الهجوم، من غير أن يعرف إن كان الاعتداء مجرد رد فعل على ضرب الجيش مجموعات إرهابية في عرسال ومخيم عين الحلوة، والقبض على بعض قادتها، أو يندرج ضمن خطة محكمة ليس اعتداء بقاعصفرين سوى أحد بنودها.
وإلى أن تظهر التحقيقات ما جرى وتكشف ملابساته، ذكرت مصادر أمنية لـ»الأخبار» أن «الاعتداء وقع بعد العاشرة من ليل الأحد، وأن مجهولين ليس معروفاً عددهم أطلقوا النار من سلاح حربي على مدخل مركز الجيش الذي يقع عند أول الطريق المؤدية من البلدة إلى منطقة جرد النجاص في أعالي جرود الضنية».
وأفادت المعلومات بأن «المسلحين أطلقوا النار من سلاح حربي باتجاه مركز الجيش من مسافة قريبة جداً، ثم فرّوا من غير أن يتمكن أحد من عناصر المركز من ملاحقتهم أو معرفتهم. والأرجح أنهم قدموا إلى المكان وغادروه مشياً، وأنهم يعرفون دروب البلدة وأزقتها».
وتضاربت المعلومات والشائعات حول منفذي الاعتداء، حيث توجهت أصابع الاتهام إلى أبناء البلدة الذين يوجد بينهم مجموعة من الشبان معروفة بتشددها الديني، وقاتل بعضهم في سوريا إلى جانب المجموعات المسلحة المعارضة للنظام. كذلك قدمت مجموعة من أبناء البلدة في أوستراليا إلى سوريا للغاية نفسها من طريق تركيا. ويجري تناقل أخبار عن أن بعض هؤلاء عاد أخيراً إلى المنطقة، حيث تظهر وقائع ومظاهر عدة وجود «أرضية ما» لاستقبال هؤلاء، نتيجة الاحتقان السياسي والمذهبي.
ودفع الاعتداء الجيش إلى تعزيز إجراءاته في المنطقة، والقيام بمداهمات أوقف خلالها بعض المشتبه فيهم، وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذت في محيط مكان الاعتداء وعلى حواجز الجيش في المنطقة. وأظهرت حملة المواقف والتضامن مع الجيش في الضنية من قبل مختلف القوى السياسية، أنه لا يوجد غطاء لمن يعتدي على المؤسسة العسكرية.
وكان الجيش قد أعلن أن «مسلحين أقدموا على إطلاق النار من أسلحة حربية باتجاه حاجز تابع للجيش في بلدة بقاعصفرين ــــ الضنية، ما أدى إلى إصابة عسكريين اثنين بجروح، نُقلا إلى مركز العائلة الطبي في زغرتا للمعالجة، حيث ما لبث أن استشهد أحدهما لاحقاً (عامر المحمد) متأثراً بجراحه، بينما أصيب آخر بجروح».