فيما خيّم الجمود على الاتصالات في شأن تأليف الحكومة، خرقت المشهد السياسي مواقف لافتة ومعبّرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وردت في ثلاث مناسبات، وفق المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار».
الموقف الأول جاء خلال الاتصال الذي جرى الاثنين الفائت بين عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. والاتصال الذي جرى عبر خط آمن ودام ربع ساعة، كان هدفه شكر عون لنصر الله على موقف حزب الله من انتخابات رئاسة الجمهورية. ودار نقاش حول الوضع الذي سبق الانتخابات والظروف التي أدت إلى انتخاب عون وتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة. ولم يجرِ التطرق خلال الاتصال إلى الشأن الحكومي. وأكد عون لنصر الله أن «الثوابت التي كنا ملتزمين بها قبل الرئاسة سنبقى ملتزمين بها بعد الرئاسة». فيما أشاد نصر الله بعون، مؤكداً الثقة به.
أما الموقف الثاني، فجاء خلال استقبال عون للموفد السعودي أمير مكة خالد الفيصل. إذ امتدح عون المملكة العربية السعودية، وأشاد بها وأكد أن لبنان يريد أفضل العلاقات معها، داعياً السياح والمستثمرين السعوديين والخليجيين إلى المجيء إلى لبنان. لكن رئيس الجمهورية شدد على «أن لبنان سينتهج سياسة خارجية مستقلة ولن يكون تابعاً لأحد».
وجاء الموقف الثالث بحسب معلومات «الأخبار» خلال استقبال عون بعد انتخابه موفد الرئيس السوري بشار الأسد وزير الشؤون الرئاسية السورية منصور عزام. فقد تحدث عون مع الموفد السوري عن الزيارة التي قام بها إلى سوريا في كانون الأول عام 2008 وتأثره بالحفاوة التي استقبله فيها الرئيس السوري، وزيارته منطقة براد في ريف حلب الشمالي الغربي، واستعرض معه التطورات السورية. وفيما كان عزام مكلفاً حصراً نقل تهنئة الأسد، ولم يكن مكلفاً توجيه دعوة رسمية إلى زيارة سوريا، إلا أنه قبل مغادرته اللقاء، قال لعون نتمنى أن تزور دمشق، والدعوة مفتوحة لك، فأجاب عون: «سأزور دمشق قريباً».

الحريري وبري والأشغال

حكومياً لا تزال المشاورات في شأن تأليف لحكومة تراوح مكانها، فيما تكشفت مزيد من الإيضاحات حول تفاصيل عقدة وزارة الأشغال. ففي رواية لأوساط الرئيس سعد الحريري عن المفاوضات التي جرت حول الأشغال، رداً على ما يقوله بري بأنه يريد الوزارات نفسها التي حصل عليها في حكومة الرئيس تمام سلام، تماماً كما فعل التيار الوطني، «أن الحريري سبق أن تحدث مع الرئيس نبيه بري، عن إعطاء القوات اللبنانية وزارة الأشغال إذا تخلت عن وزارة الدفاع السيادية، على أن يأخذ بري وزارة الصحة، فوافق بري، ليفاجأ بعدها الحريري باعتراض بري».
وفيما لا تزال القوات اللبنانية مصرة على هذه الحقيبة، أبلغ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قبل مغادرته إلى البرازيل القوات «بأنه ملتزم معها بكامل حصتها وأنه لن يقبل المساس بها، ويتضامن معها في الدفاع عن حصتها على عكس ما يشاع». وأكد باسيل أيضاً «أنه لو أرادت القوات أيضاً التمسك بالحقيبة السيادية، لكان التيار قد قبل بتعطيل تأليف الحكومة، على أن يعطل التفاهم مع القوات». وهذا الكلام أبلغه باسيل أيضاً لرئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، في لقائهما الأخير الذي تخلله عتب على المرحلة السابقة. وأكد باسيل للجميّل التزامه تفاهمه مع القوات، وأنه لا يمكن أن يتخلى عنها في المفاوضات الجارية لتأليف الحكومة، على عكس ما هو موقفه من توزير الكتائب».
وفيما ذكرت معلومات أن الحريري أبلغ تيار المردة أخيراً أن حصته هي وزارة الثقافة، ذكرت أوساط مطلعة في «تيار المردة» أن «الحريري سبق أن عرض على التيار حقيبة التربية، إلا أنه لم يعد إلى الحديث عن هذه الحقيبة». وأشارت إلى «أن المردة متفق مع بري على موقف واحد، هو أنهما في فريق واحد مع حزب الله، وأن الحقائب المخصصة لهذا الفريق يجب أن تُعطى له، وهذا الفريق هو الذي يتولى تقسيمها بين الأفرقاء المنضوين فيه».
من جهته قال رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع أمام وفد من نقابة الصحافة: «حين طالبنا بوزارة سيادية رفض مطلبنا، فجاءنا الحل من عون والحريري، بعد أن تشاورا مع بري بأن يتم منحنا نيابة رئاسة الحكومة وحقيبة وازنة، بدلاً من الوزارة السيادية، فقبلنا، ولكننا فوجئنا بأن التشكيلة لم تعلن، وبوضع عراقيل جديدة». وأضاف: «نحن مع عون لن نقبل باستمرار تركة عهد الوصاية، إذ يوجد لدينا دستور ينص على أن رئيسي الجمهورية والحكومة هما من يشكلان الحكومة».
(الأخبار)