بدّد رئيس الحكومة سعد الحريري اللغط الذي رافق مواقفه الأخيرة من الجيش اللبناني، ودعوته قائد الجيش العماد جوزيف عون الى اجتماع معه في السرايا، والتي ظهرت كأنها استدعاء له للبحث معه في التحقيق بوفاة 4 موقوفين من النازحين السوريين. تراجع مدروس نفّذه الحريري، اعتمد ركيزتين أساسيتين: الأولى، انضمام وزير الدفاع يعقوب الصراف إلى الاجتماع مع عون، والثانية تأكيده أن «الدعم السياسي للجيش اللبناني غير مشروط».
وهذا الموقف جاء بعد لقاء جمعه بالصراف وعون، فظهر أن الهدف الأساسي منه نفي كل التأويلات التي رافقت المداهمات الأخيرة للجيش في مخيمات النازحين السوريين في بلدة عرسال على الحدود مع سوريا. وتكمن أهمية هذا التصريح في أنه أتى بعد يومين اثنين من الحملة «غير المدروسة» التي شنّها نائب تيار «المستقبل» عقاب صقر على المؤسسة العسكرية، واستخدمت مادة أساسية في نشرات أخبار قناة «المستقبل». وهي حملة نسفها من أساسها الحريري، حين أكد أن ««قيادة الجيش حريصة على المدنيين كي لا يصابوا» في تنفيذ عملياته، وشدد على أن «المؤسسة العسكرية لا تشوبها أي شبهات، ومن يحاول أن يصطاد في المياه العكرة فليخيّط بغير هالمسلة». وكشف أنه سيتسلم التحقيق الذي يجريه الجيش بوفاة الموقوفين السوريين الأربعة «خلال يومين أو ثلاثة».

اتصال يُنهي
القطيعة بين الحريري وجنبلاط ويفتح مجالاً أمام التنسيق


وتعليقاً على مداهمة الجيش مخيمين في بلدة عرسال لإحباط مخطط لإرسال انتحاريين من «داعش» و«جبهة النصرة» في مناطق لبنانية عدة، قال الحريري إن «الجيش قام بعملية ناجحة جداً، ولو أنه لم يقم بها لكان هناك اليوم مشكل كبير في البلد لأن تلك العبوات كانت موجهة لتفجير لبنان. دخل الجيش اللبناني الى مخيم فيه عشرة آلاف شخص وقام بعملية كبيرة، والحمد لله لم يسقط جرحى بين المدنيين، وهناك حادثة الجثث السورية الأربع، وقيادة الجيش تقوم بتحقيق واضح وصريح في هذا الموضوع، ويجب ألا يشكك أحد فيه لأن الجيش حريص على المواطنين والمدنيين أكثر من أي فريق آخر». واعتبر أن أي «محاولة لخلق أي توتر بين الجيش أو القيادات العسكرية في لبنان، التي تعمل ليل نهار لتجنيب لبنان أي مشكل إرهابي في البلد، هو أمر مرفوض، كما أن التشكيك في التحقيق الذي تقوم به قيادة الجيش أمر مرفوض أيضاً». ورداً على سؤال، متى سيكون الدعم المطلق والضوء الأخضر للجيش لحسم الوضع في جرود عرسال؟ أجاب: «كل الدعم السياسي موجود للجيش لحسم الأمور وكذلك القرار السياسي، ولكن علينا اليوم أن نعلم أن هناك مدنيين موجودين في المخيمات، والمشكلة هي أن الإرهابيين يستعملون المدنيين لحماية أنفسهم». وأضاف: «موضوعي ليس الشارع السني ولا أي شارع آخر، الدعم الأساس هو للجيش، والشارع السني هو أكثر شارع مع الجيش، وهذا الأمر أثبته خلال معارك نهر البارد وصيدا وطرابلس وفي كل المناطق».
من جهة أخرى، أجرى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط اتصالاً بالحريري، تناولا خلاله عدداً من القضايا. وقد جاء هذا الاتصال بعد فترة من القطيعة بين الرجلين، رافقها تراشق إعلامي واتهامات متبادلة بينهما، قبل أن ينخفض سقف الهجوم منذ مدة. وكانت مصادر جنبلاطية قد أشارت لـ«الأخبار» الى أن «هناك قراراً بالتهدئة، رغم عدم وجود تواصل مباشر بين قيادات المستقبل والاشتراكي». ولفتت إلى أن التهدئة «أثمرت هذا الاتصال الذي سوف يستتبع بمزيد من التواصل والتنسيق، وخصوصاً أن البلد يمر بحالة سياسية وأمنية حرجة».
من جهته، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال اللقاء الاقتصادي في قصر بعبدا، أمس، الى «أننا كنا نخاف من الإرهاب، وعندما تخلّصنا منه جاء الفلتان الداخلي بحجم كبير، وخصوصاً لدى السوريين». وأكد عون أننا «نحاول ضبط هذا الأمر وسنتوصل الى نتيجة مثلما توصلنا الى نتيجة مع الإرهاب الخطير».