يسعى عدد من أصحاب العقارات في منطقة عين سعادة في المتن، خلال هذه الفترة، إلى تغيير تصنيف مساحات واسعة من الأراضي الحرجية في المنطقة، بهدف رفع معدلات الاستثمار والسماح تالياً بالبناء عليها وتحويلها إلى منطقة سكنية ترفع من أسعار العقارات هناك وتحقق لهم الأرباح.
بحسب مصدر مُطّلع على الملف، تُعدّ هذه المنطقة «الرئة» الوحيدة الباقية لبيروت، وتمتاز بتنوع بيولوجي كبير، فضلاً عن أنها تحوي أعداداً متنوعة لكثير من الحيوانات المختلفة التي بات البعض منها مُهدّداً بالانقراض.
السعي إلى تغيير التصنيف العقاري والقضاء على المساحات الحرجية بدأ منذ عام 2012، عندما تقدّم أصحاب العقارات بطلب لدى البلدية من أجل رفع معدل نسبة الاستثمار من 5% إلى 20%. وبدورها أحالت البلدية الطلب إلى المجلس الأعلى للتنظيم المُدني. تُفيد المعطيات بأن المجلس الأعلى للتنظيم المدني وافق حينها على الطلب خلافاً لرأي وزارة البيئة التي رفضت هذا الأمر.
رُفع الطلب إلى مجلس الوزراء الذي أعاد طلب رأي وزارة البيئة. يقول المصدر نفسه إن وزارة البيئة عدّلت على الطلب بنحو يُحافظ على المساحات الحرجية التي تمتد من جهة المنصورية وبعبدات، وبطريقة تضمن الحياة البرية للحيوانات التي تعيش في ما يُشبه «الممر» بين الجهتين المذكورتين.

تُعدّ المنطقة
«الرئة» الوحيدة الباقية لبيروت، وتمتاز بتنوع بيولوجي كبير


عام 2015، أعاد المجلس الأعلى للتنظيم المدني دراسة الطلب مع الملاحظات المرفقة من وزارة البيئة. اللافت أن المُدير العام لوزارة البيئة، الذي يشغل منصب عضو في المجلس، وافق على الطلب خلافاً لرأي الوزارة «وبشكل لا يحفظ المساحات الحرجية والتعديلات التي نصت عليها الوزارة»، على حدّ تعبير المصدر الذي يُشير إلى أن الأمر بقي خفياً على وزارة البيئة حتى بداية تسلّم الوزير الحالي طارق الخطيب مهماته.
مع تسلّم الخطيب إدارة الوزارة، أُعيد فتح الملف الذي نام لسنوات. المُفارقة أنّ هناك من يقول إن إعادة فتح الملف جاءت على خلفية طلب أحد أصحاب العقارات من الوزير بحكم «صداقته معه» التصديق على الطلب، وبالتالي إعادة «إحياء» الملف.
وفي هذا الصدد، يلفت المصدر إلى تعرّض المعنيين لكثير من الضغوط من أجل تغيير التصنيف وإحالته إلى مجلس الوزراء من أجل البتّ فيه. الجدير ذكره أن المساحات الحرجية المهددة تُقدَّر بآلاف الأمتار. من جهته، يكتفي رئيس بلدية عين سعادة أنطوان بو عون بالقول إن البلدية وافقت على تغيير التصنيف منذ نحو 5 سنوات، لافتاً إلى أن الملف «لا يزال نائماً» وأن البلدية حالياً «لا علم لها بمصير هذا الطلب»، من دون أن يعلن موقف البلدية، ومن دون أن يُعلق على المصير الذي تترقبه البلدة.