انتظر أساتذة اللغة العربية أن يتخذ المدير العام للتربية فادي يرق إجراءً بشأن المسابقة التي روّجت لكتاب أحد أعضاء لجنة المادة في الامتحان الرسمي، فإذا بجميع أساتذة التعليم الثانوي يفاجأون، صباح السبت الماضي، بتعميم يلزمهم بالمشاركة في أعمال التصحيح، ويهددهم بالعقوبة إذا تخلفوا عن الحضور. أما الاعتراض فنابع من غياب نص قانوني يجيز الإلزامية، لكون هذا العمل اختيارياً، ورفض لغة التهديد في التعميم.
وكان يرق قد طلب من الأساتذة الحضور إلى مراكز التصحيح المعتمدة في الامتحانات الرسمية في المحافظات وفق مكان سكنهم الأساسي، والمشاركة إلزامياً في أعمال التصحيح بمعدل لا يقل عن 50 مسابقة يومياً كل في مجال اختصاصه. وقال يرق إنّ «إنّه على ثقة بالحس الوطني لدى الجميع ومدى التزامهم بالمسؤولية»، مؤكداً تنفيذ ما ورد في هذا التعميم تحت طائلة اتخاذ التدابير المسلكية بحق المتخلفين عن المشاركة.
ولم يكد التعميم يصدر حتى غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الرافضة. فالأساتذة الذين أقروا بالضرورة التربوية للتصحيح رأوا أن التعميم خلا من نص قانوني يستند إليه وبالتالي لا يستوجب التهديد بالعقوبات في حال المخالفة.

تهديد باتخاذ إجراءات مسلكية بحق المتخلفين عن التصحيح
وقال يوسف كلوت: «تكمن خطورة هذه التعاميم التي تلزم وتعاقب من دون حيثيات قانونية واضحة وصريحة، في أنها قد تكون تمهيداً لتطبيق المادة 37 من قانون سلسلة الرتب والرواتب (التي تخضع موظفي الدولة لرقابة مسؤوليهم المباشرين بما يضرب ثبات الوظيفة العامة)». النقابي فيصل زيود دعا الرابطة إلى الاجتماع فوراً وإصدار بيان يدعو إلى مقاطعة اسس التصحيح والتصحيح ورفع السقف إلى حين إقرار الموقع الوظيفي، مشيراً إلى أن «الاكتفاء ببيان أو الاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي لا يفيد، بعدما فقدنا المبادرة بالهجوم وصرنا مستهدفين ولا يحسب لنا حساب».
الأساتذة أبدوا استياءهم مما سموه اللغة الفوقية والتهجم الذي قام به أمين الإعلام في الرابطة أحمد الخير حين استنكر اعتراضاتهم ودعاهم إلى التحلي بالجدية والذهاب إلى التصحيح حمايةً للشهادة الرسمية من تدخلات المدارس الخاصة والتعليم الرسمي. إلاّ أن الخير عاد وتراجع في وقت لاحق مستنكراً الالزامية وتهديد التعميم باتخاذ تدابير مسلكية بحق المتخلفين، وقال إن الرابطة ستجتمع بالمدير العام لتسجيل اعتراضها على هاتين النقطتين.
أما رئيس الرابطة نزيه جباوي فأوضح أنه تواصل مع المدير العام ونقل استياء الأساتذة من أسلوب المخاطبة، فقال له يرق إن التعميم لم يكن يقصد أي إساءة أو تهديد وهذه الجملة أتت من باب المخاطبة الإدارية ليس إلاّ. لذا دعا جباوي الأساتذة إلى توقيف حملتهم باعتبار أنه لن تكون محاسبة ولا أحد يستطيع أن يدوس على كرامتهم وحقوقهم طالما أن الرابطة ترفع صوتهم. الأساتذة استغربوا دعوتهم إلى السكوت سائلين: «هل كلام رئيس الرابطة يلغي تعميم المدير العام؟».
وفي اتصال مع «الأخبار»، أوضح المدير العام أن التعميم صدر بالتنسيق مع رابطة الأساتذة، مشيراً إلى أن اللغة المستخدمة فيه إدارية وليست تهديدية. وعن فرض الإلزامية من دون نص قانوني يجيز ذلك، أكد أن التصحيح عمل تربوي يسهم في بناء قدرات الأساتذة، تماماً كما لو أننا ندعوهم إلى دورة تدريبية.