أصدر وزير الاتصالات جمال الجرّاح في 20 كانون الثاني الماضي الكتاب رقم 5288/1/M الذي يعلن فيه موافقته على إخراج الرقم 78.888888 من المزاد العلني، ووضعه ضمن خانة الأرقام الماسيّة، بناءً على طلب رئيس مجلس إدارة شركة «تاتش» بدر الخرافي، بموجب رسالته رقم 1239 المُرسلة إلى وزارة الاتصالات في 30 كانون الأوّل 2016.
ينطوي قرار الجرّاح على إساءة في استعمال السلطة الممنوحة له، فهو أقدم بقراره على تكبيد الخزينة العامّة خسائر تقدّر بآلاف الدولارات نتيجة إخراج الرقم من المزاد العلني ووضعه ضمن خانة أدنى، بما يتعارض مع الطريقة المُعتمدة لتصنيف هذه الأرقام بطريقة شفّافة، والتي تهدف أولاً إلى زيادة موارد الخزينة، وثانياً منع احتكار الأرقام المميّزة أو الاتجار بها.
كيف تصنّف أرقام الخلوي؟ الأرقام الخلويّة هي جميعها ملك لوزارة الاتصالات ويحصل عليها المشتركون لمدّة زمنيّة، وتصنّف وفقاً لآلية برمجة أوتوماتيكيّة تحدّدها أنظمة برمجة (software) موجودة في الإدارة، وهي ترتب الأرقام على الخانات المختلفة المُعتمدة، بعد تحديد المعايير الخاصّة بها، بحسب ما تشير مصادر في وزارة الاتصالات.

الآليات المُعتمدة تمنع
الوزير من تبديل تصنيفات
الأرقام لمنفعة خاصّة
وهذه الخانات هي: 1- الأرقام العادية العشوائيّة ويدفع لقاء الحصول عليها 25 دولاراً للخط المسبق الدفع، و50 دولاراً للرقم اللاحق الدفع أو الثابت. 2- الأرقام العادية من الفئة (أ)، مقابل بدل بقيمة 100 دولار. 3- الأرقام البرونزيّة مقابل 150 دولار. 4- الأرقام الفضيّة ويدفع لقاء الحصول عليها مبلغ بقيمة 400 دولار. 5- الأرقام الذهبيّة مقابل 800 دولار. 6- الأرقام الماسيّة يدفع مقابل الحصول عليها 5 آلاف دولار. 7- الأرقام البلاتينيّة والتي لا يمكن الحصول عليها إلّا في المزاد العلني، ما يعني أن الوزير حدّد سعر هذا الرقم بـ5 آلاف دولار أميركي، حارماً الخزينة من مبالغ أكبر كان من المُمكن أن تُجبى لمصلحتها عند بيع الرقم في المزاد العلني، خصوصاً أن أرقاماً شبيهة له بيعت في مزادات سابقة بمبالغ تتخطّى هذا المبلغ بعشرات آلاف الدولارات.
علامَ اعتمد الوزير لاتخاذ قراره القاضي بإخراج هذا الرقم من المزاد العلني، وإعادة تصنيفه وفق هواه ضمن خانة الأرقام الماسيّة المُحددة بـ5 آلاف دولار فقط؟
حاولت «الأخبار» الاتصال بوزير الاتصالات لكن من دون نتيجة، فيما تشير مسؤولة العلاقات العامّة في شركة «تاتش»، غادة بركات، إلى أن «آلية تحديد الأرقام المُصنّفة وكيفيّة الاشتراك بها تعودان حصراً إلى وزارة الاتصالات، أمّا الشركة فهي تفعّل الاشتراك بهذه الفئة من الخطوط وفق التعليمات التي تتلقاها من وزارة الاتصالات»، من دون إيضاح الأسباب الموجبة لطلب الشركة.
يشير وزراء اتصالات سابقون، اتصلت بهم "الأخبار"، إلى أن ما من قانون محدّد يرعى هذه العمليّة، لكن المنطق والآليات المُعتمدة للتصنيف تمنع الوزير من تبديل تصنيفات الأرقام تحقيقاً لمنفعة خاصّة، خصوصاً أن الدستور يفرض عليه أولاً الحفاظ على المصلحة العامّة، واحترام القوانين المرعية التي تضع حدوداً للسلطة الممنوحة له خلال ممارسة وظيفته بما لا يسمح له بتجاوزها. يقول وزير الاتصالات الأسبق نقولا الصحناوي أن «تصنيفات الأرقام تحدّدها البرمجيات الموجودة داخل الوزارة، ويمكن للوزير أن يعدّل في الجداول في حال كان هناك أرقام يرى أنها تستحقّ تصنيفاً مختلفاً، لكن وفقاً للمعايير نفسها التي برمجت على أساسها، ولا يجوز تالياً أن يبدّل تصنيف رقم واحد محدّد»، فيما يشير وزير الاتصالات السابق بطرس حرب إلى أن «الأمور تعود إلى نهج الوزير وحسن أدائه، خصوصاً أن ما من قانون يمنعه من ذلك». ويضيف حرب «عادة، تضع الإدارة جداول لهذه الأرقام لتعزيز عائدات الخزينة العامّة، وعلى الوزير أن يلتزم بها، إلّا في حال وجد أن هناك ما يعيق بيع هذه الأرقام، أي لسبب وجيه يرتبط بالمصلحة العامة، أو ربّما لأمر متعلّق بمنفعة خاصّة أو شخصيّة أو تجاريّة».