لم يكن عيد العمال، في الأول من أيار، مناسبة «نضالية» يعيد فيها الحزب الشيوعي فقط توجيه التحية إلى طبقة العمال التي يُمثلها، بل أراده الأمين العام لـ«الشيوعي» حنا غريب «بداية النضال» الذي سيبلغ أوجه في 15 أيار، تاريخ الجلسة النيابية التي كانت ستُخصّص للتمديد للمجلس النيابي. في 26 نيسان الماضي، طرح غريب في مؤتمرٍ صحافي خمسة عناوين: التفاهم المشترك حول سبل إسقاط كل مشاريع القوانين الانتخابية الرجعية والتقسيمية، بلورة المبادئ والمساحات العامة المشتركة لقانون انتخابي يعزّز فرص التغيير الديموقراطي، التداول في نمط التعاطي المتاح والموقف المشترك إزاء أي قانون قد تتوصل اليه أو تفرضه القوى السلطوية، البحث العملي والملموس في المجريات التنفيذية لأشكال المواجهة في الانتخابات والتداول حول المهمات المشتركة المطروحة في مرحلة ما بعد منتصف أيار في حال الفراغ.
أراد أن تكون هذه النقاط مُبادرة تلتف حولها القوى والشخصيات اللاطائفية وهيئات المجتمع المدني والهيئات النقابية. هدف غريب، كما يقول لـ«الأخبار»، جمع القوى الوطنية «والالتقاء حول مساحات مشتركة، للاتفاق على مشروع قانون بديل، لأننا أمام مسؤولية مواجهة التحدي وتقديم البديل للناس».
ليست المرّة الأولى التي يطرح فيها «الشيوعي» مبادرات. كذلك فإنّ محاولات سابقة جرت لجمع هذه القوى باءت بالفشل لأسباب تتعلّق إما باختلاف في وجهات النظر حول العناوين المطروحة وآلية تنفيذها، أو لصراعات حول «السلطة». كلّ مرة كان ينعكس ذلك على «ثقة» الرأي العام بأعضاء هذه الجبهة «الوطنية»، إضافة إلى ارتفاع أصوات توافق على الشعارات المرفوعة، ولكن تسأل في الوقت عينه عن سبل ترجمتها. فماذا كان مصير آخر مبادرات الأمين العام؟

يحاول الشيوعي توسيع دائرة المشاركين ليكون للقاء إطار سياسي ونقابي ومدني



قبل فترة، اجتمع كلّ من: التنظيم الشعبي الناصري، الحزب الديموقراطي الشعبي، الحزب الشيوعي، رابطة الشغيلة، حركة الشعب، حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، الحزب السوري القومي الاجتماعي، حركة الناصريين المستقلين – المرابطون، حركة النضال اللبناني العربي، الحركة الوطنية للتغيير الديموقراطي، والحزب السوري القومي الاجتماعي – جناح علي حيدر، واتفقوا على ضرورة إعادة إحياء «لقاء الأحزاب الوطنية التي تتفق (رغم خلافاتها العقائدية) حول المسائل الوطنية، كالصراع العربي ــــ الإسرائيلي، والموقف من النظام السياسي في لبنان الذي يجب أن يعاد تركيبه على أساس غير طائفي. المدخل لذلك هو القانون الانتخابي القائم على النسبية خارج القيد الطائفي وعلى أساس لبنان دائرة واحدة»، بحسب رئيس حركة الشعب إبراهيم الحلبي. حول هذه النقطة أيضاً يتلاقى المجتمعون، مؤكدين ضرورة إقرار «النسبية على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة». عقدت القوى المذكورة أربعة اجتماعات حتى الساعة، واجتمعت الخميس الماضي في مركز حركة الشعب لمناقشة عناوين مبادرة غريب.
قبل ذلك، كان «الشيوعي» قد حمل أفكاره ودار بها على الرئيسين سليم الحص وحسين الحسيني، على أن تُستكمل الجولة مع شخصيات أخرى. بالنسبة إلى عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات السياسية في «الشيوعي» حسن خليل، «من الجيّد توحيد المعترضين في جبهة واحدة». يضيف: «نحاول أن نوسّع دائرة المشاركين، فيكون للقاء إطار سياسي ونقابي ومجتمع مدني. وحتى لو لم تُعقد الجلسة النيابية، يجري الإعداد لنشاطين في 14 و15 أيار في رياض الصلح». وجرى بحث في أن لا تقتصر التحركات على العاصمة، لذلك «من المتوقع أن يُنظّم شيء في طرابلس وصيدا». والتحركات قد تأتي على هيئة تظاهرة أو ندوات، «المهم توضيح سوء القوانين المطروحة، ومواجهة السلطة بكافة الوسائل الديموقراطية».
الحالة الاعتراضية على أداء السلطة موجودة، ولكنها مشتتة. «نريد جمع مكوناتها لمواجهة السلطة، ليس فقط في ما خصّ القانون الانتخابي، بل كلّ السلوك السياسي». ولا يتوقف خليل عند «الإحباط» الذي تسبّبت فيه هذه القوى على مرّ السنين، نتيجة عدم تمكنها من تحقيق أهدافها؛ فمن وجهة نظره «لا يُمكن القول إنه بسبب تجارب لم تُحقق أهدافها يجب أن نتوقف. فعدة أحداث أثبتت أنّ الناس مستعدة للمواجهة». في الإطار نفسه، يقول الحلبي إنّ «تجربة الانتخابات البلدية كشفت عن مزاج شعبي بدأ يتبدّل. نُعوّل على تقديم مشروع جدي يكون موحداً، حتى ننال ثقة الناس». أما عن عدم الوفاق بين القوى السياسية والمجتمع المدني، فيرى خليل أنّه «يجب البناء على الإيجابي». وبالنسبة إلى الحلبي، «إذا لم نتفق في ما بيننا على كلّ النقاط، على الأقل يُمكن أن نلتقي حول الموقف من القانون».
اجتماع يوم الخميس شهد «جولة نقاش جدية، شملت أيضاً الأوضاع الإقليمية»، بحسب خليل. تُعوّل القوى المجتمعة على «الإرباك الحقيقي في السلطة، ما يُفسح المجال أمامنا لتقديم أنفسنا كمشروع بديل»، وفق الحلبي. حصل هذا النقاش «على مراحل متعددة، وكلّ طرف قدّم مقترحه، واتُّفق على أن يشمل البيان أموراً أخرى غير القانون الانتخابي». ويقول الحلبي إن من المُفترض أن يُعقد الخميس المقبل مؤتمر صحافي، «ويصدر بيان مشترك عن المجتمعين في ما خصّ الوضع السياسي والاقتصادي. وستتم دعوة كل الشخصيات والقوى السياسية والحراك الشعبي والمجتمع المدني إلى لقاء وطني واسع لمواجهة السلطة».