لم تحسن مختلف التيارات السياسية في لبنان، وحتى في سوريا ونظمها المتعددة، مخاطبة مجدل عنجر. للقرية – المدينة خطابها الخاص المتأتي ربما من تنوع مواقعها الجغرافية والاجتماعية والسياسية. فالمجدل التي يعني اسمها المرقَب باللغة الآرامية أو المكان العالي، تقف اليوم متفرجة على المشهدين السياسيين في لبنان وسوريا.
قلبها في لبنان، وعينها على الشام، وما بين البلدين وباب معبر وادي القرن قرن من صراع الهويات السياسية.
مجدل عنجر لم تخن يوماً هويتها. كانت حصناً منيعاً يلوذ إليه كل من يشعر بخطر يتهدد مصيره ومستقبله السياسيين. يوم «دق» خطر الوجود أبواب تيار المستقبل في 2005 و2009، كانت المجدل المنقذ والحامي وخزان تظاهرته. وقبل التيار بعقود وجدت فيها الأحزاب القومية واليسارية موقعاً أميناً، وحمت الثورة الفلسطينية وجبهات تحريرها من كل جلل. والتيارات السلفية بأجنحتها الجهادية والوسطية والدعوية وجدت في المجدل موقعها وموقعتها. ويوم ولدت مقاومة حزب الله، كانت السباقة في حمايتها والتبرع بقرشها الأبيض من أجل الانتصار على العدو الأسود، وحاضنة لأهل المقاومين في تموز 2006. ويوم سقطت بغداد تحت الاحتلال الأميركي «بعثت» بشبابها لمقاومة الاحتلال هناك، وعادوا منتصرين. ويوم اندلعت شرارة الحرب السورية، صارت خيمة كبيرة للفقراء الهاربين من المقتلة.
مجدل عنجر تقبض على الجمر ولا من يسمع صرختها. لا تتأسف على مصير من خانها وخان خبزها وملحها. تعضّ مجدل عنجر على جراحها بهدوء قائلة: أليس الصبح بقريب؟